دخلوها كأنهم قطع الليل ... إذا راح مدلهم الظلام
كم أب قد رأى عزيز بنيه ... وهو يُعلى بصارم صمصام
كم رضيع هناك قد فطموه ... بشبا السيف قبل حين الفطام
ما تذكرت ما أتى الزنج إلا ... أضرم القلب أيما إضرام
رب بيت هناك قد أخربوه ... كان مأوى الضعاف والأيتام
رب قصر هناك قد دخلوه ... كان من قبل ذاك صعب المرام
عرّجا صاحبيَّ بالبصرة الزهراء ... تعريج مذنف ذي سقام
فاسألاها ولا جواب لديها ... لسؤال ومن لها بالكلام
أين تلك القصور والدور فيها ... أين ذاك البنيان ذو الأحكام
بدلت تلكم القصور تلالا ... من رماد ومن تراب ركام
بل ألِمَا بساحة المسجد الجامع ... إن كنتما ذوي إلمام
فاسألاه ولا جواب لديه ... أين عبّاده الطوال القيام؟
انفروا أيها الكرام خفافا ... وثقالا إلى العبيد الطغام
صدقوا ظن اخوة أملوكم ... ورجوكم لنوبة الأيام
إن قعدتم عن اللعين فأنتم ... شركاء اللعين في الآثام
وقال البحتري في مدح الموفق:
وما كان يدري صاحب الزنج أنه ... إذا أبطرته غفلة العيش صاحبه
وكان شفاء صلبه لو تألفت ... له جثة يُريٍ بها العين صالبه
تعجل عنه رأسه وتخلفت ... لطيبتها أوصاله ومناكبه
جبابرة الأرض استكانت لضربة ... أرت قائمَ النهج الذي ذاق ناكبه
محمد إسعاف النشاشيبي