للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- ثم سأله عن مسائل كثيرة فأجابه عنها، فزعم أنه يجد صفته في التوراة، وأنه يرى القتال معه، وسأله عن علامات في بدنه، فذكر أنه عرفها فيه. فأقام معه ليلته تلك يحادثه. . .

لما كان في شوال من هذه السنة (٢٠٧) أزمع الخبيث على جمع أصحابه للهجوم على أهل البصرة، والجد في خرابها، وكان قد نظر في حساب النجوم، ووقف على انكساف القمر ليلة الثلاثاء لأربع عشرة ليلة تخلو من الشهر، فذكر عن محمد بن الحسن بن سهل أنه قال: سمعته يقول. اجتهدت في الدعاء على أهل البصرة، وابتهلت إلى الله في تعجيل خرابها، فخوطبت فقيل لي: إنما البصرة خبزة لك تأكلها من جوانبها، فإذا انكسر نصف الرغيف خربت البصرة فأولت انكسار نصف الرغيف انكساف القمر المتوقع في هذه الأيام، وما أخلق أمر البصرة أن يكون بعده.

قال محمد بن الحسن: ولما أخرب الخائن البصرة وانتهى إليه عظيم ما فعل أصحابه سمعته يقول: دعوت على أهل البصرة في غداة اليوم الذي دخلها أصحابي، واجتهدت في الدعاء، وسجدت، وجعلت أدعو في سجودي، فرفعت إلى البصرة فرأيتها ورأيت أصحابي يقاتلون فيها، ورأيت بين السماء والأرض رجلا واقفاً في الهواء قد خفض يده اليسرى ورفع يده اليمنى يريد قلب البصرة بأهلها، فعلمت أن الملائكة تولت إخرابها دون أصحابي، ولو كان أصحابي تولوا ذلك لما بلغوا هذا الأمر العظيم الذي يحكي عنها. وإن الملائكة لتنصرني وتؤيدني في حربي، وتثبت من ضعف قلبه من أصحابي. . .

قال الطبري: وكان خروج صاحب الزنج في يوم الأربعاء لأربع بقين من شهر رمضان سنة (٢٥٥) وقتل يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة (٢٧٠) فكانت أيامه من لدن خروجه إلى اليوم الذي قتل فيه أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام. وكان دخوله الأهواز لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة (٢٥٦) وكان دخوله البصرة وقتله أهلها وإحراقه لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال سنة (٢٥٧).

قلت: ومما قاله ابن الرومي في خطب البصرة في ميميته المشهورة:

ذاد عن مقلتي لذيذ المنام ... شغلُها عنه بالدموع السجام

أي نوم من بعد ما حل بالبصرة ... ما حل من هنات عظام

أي نوم من بعد ما انتهك الزنج ... جهاراً محارم الإسلام

<<  <  ج:
ص:  >  >>