وما فيه من بلاغة؟ وحسب الأستاذ أن يخلو بنفسه وبكتاب كالبخاري، وأنا واثق بأنه سيعدل عن فكرته.
٢ - تكلم الأستاذ عن الرواية بالمعنى، وإن بعض الصحابة رأوا الرواية بالمعنى، وكذا من جاء بعدهم، إلى أن قال:(وهكذا ظلت المعاني تتوالد، والألفاظ تختلف باختلاف الرواه). وأقول (أما اختلاف الألفاظ، فهذا ما لا ننكره، وأما توالد المعاني، والتزيد فيها والتبديل، فهذا ما لا نقر الأستاذ عليه، والصحابة الذين أجازوا الرواية ومن أخذ عنهم، إنما أجازوها مع تحفظهم الشديد وتحوطهم البالغ في المحافظة على المعنى. وكيف يغيرون في المعنى ويتزيدون، وهم كثيراً ما طرق مسامعهم قوله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)؛ ولهم من عربيتهم ودقة فهمهم للأساليب وإحاطتهم بالمعنى المراد ما يحول دون ذلك، ولا سيما وأن الرواية إنما تتصل بالحديث، وللحديث في نفوس الصحابة ومن بعدهم من القداسة والاحترام ما له. أليس الحديث هو الأصل الثاني من أصول التشريع؟ الحق أني كنت أحب من الأستاذ أن يقرأ في كتب الرجال، وبخاصة الصحابة والتابعين ليعرف ما خص الله هؤلاء القوم من حافظة قوية وذاكرة وقادة. وعلماء أصول الحديث بعد حينما تكلموا في الرواية بالمعنى، منهم من منع منها، ومنهم من بالغ في التثبت والتحوط، فلم يجيزوا الرواية بالمعنى إلا لعالم بالألفاظ، عارف بمقاصدها، خبير بما يختل بها معانيها؛ ولو أن تدوين الحديث تأخر قروناً معدودة، لكان هذا الفرض قريباً، ولكن التدوين بدأ في أوائل القرن الثاني وازدهر في القرن الثالث، وخصائص العروبة متمكنة من الرواة، ولم يكن لسان أهل العلم فسد بعد، وإن تطرقت لوثة الأعاجم إلى العامة.
ولئن كان لراوية الحديث بالمعنى ضرر من الناحية اللغوية والبلاغية - كما ذكر الأستاذ - فلا ضرر من الناحية الدينية بعدما بينا أن لا توالد في المعاني ولا تزيد ومن علم مبلغ ما وصل إليه علم الرواية في الإسلام وما امتاز به من التثبت والتحوط فإنه يستبعد ما قاله الأستاذ كل الاستبعاد وقد بلغ من يقظة أئمة الحديث أنهم كانوا يعلمون اللفظ الدخيل في الحديث من أين أتى وكيف دخل
٣ - كتب الأستاذ كلمة عن الموضوعات وأنا أوافقه فيما قال وآخذ عليه قوله ولكي يشدوا عملهم بما يؤيده وضعوا على النبي أحاديث تجيز الوضع مثل مارووا: (إذا لم تحلوا حراما