للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس). وهذا الحديث بعضه لا يدل على الوضع وأن في قوله: (وأصبتم المعنى) ما يدل على أن الحديث قبل تجويزاً للرواية بالمعنى؛ وإلا فأي إصابة للمعنى النبوي إذا كان الكلام موضوعا وللحديث بقية تدل على ما سيق له. روى ابن منده في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير عن عبد الله بن اكيتمة الليثي قال: قلت يا رسول الله إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا؟ فقال: (إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس). وكان الأجمل أن يمثل بما روى زورا عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حدثتم عني بحديث يوافق الحق فخذوا به حدثت به أو لم أحدث) فهذا يشد أزر الوضاعين.

٤ - ذكر الأستاذ حديث من كذب على متعمداً الحديث وأنه وصل به البحث إلى أن لفظ متعمداً لم تأت في روايات كبار الصحابة وأن الزبير قال: والله ما قال متعمدا، ورأى أنها تسللت إلى الحديث من سبيل الأدراج الخ ما ذكر. وأقول قد روى هذا الحديث من روايات عدة عن كثير من الصحابة حتى قد أوصلها بعض رجال الحديث إلى المائة بل إلى المائتين. والحق أن الحديث روى من طرق تصل به إلى درجة المتواتر بهذا اللفظ. أما وصوله إلى هذا العدد الضخم فذلك فيما ورد في مطلق الكذب لا في هذا اللفظ بعينه، وقد جاءت كلمة متعمدا من رواية الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة وطرق ذكرها أكثر من طرق تركها والقاعدة عند المحدثين إذا تعارضت الروايات رجج الأكثر والأقوى وهنا ترجح روايات ذكر اللفظ ويحمل المطلق على المقيد، وأما تجويزه أن هذه الكلمة أدرجت في الحديث ليتكئ عليها الرواة فيما يروون عن غيرهم على سبيل الخطأ أو الوهم الخ. فأقول رداً عليه إن رفع إثم الخطأ أو السهو ليس بهذه الكلمة وإنما ذلك بما ثبت من أدلة أخرى وتقرر في الشريعة بأنه لا إثم على الخاطئ والناسي ما لم يكن بتقصيره منه وسر الكلمة دفع توهم الإثم على الخاطئ والغالط والناسي.

وأما تجويزه أن هذه الكلمة قد وضعت ليسوغ بها الذين يضعون حسبة من غير عمد عملهم؛ فلا أدري كيف يجتمع الوضع حسبة مع عدم التعمد، والوضع حسبة أن يقصد الواضع وجه الله والثواب وخدمة الشريعة - على حسب ظنه - بالترغيب في فعل الخير والفضائل، وهم قوم الصوفية والكرامية جوزوا الوضع في الترغيب والترهيب، فكيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>