للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يجتمع - أيها الأستاذ - قصد الوضع طمعاً في الثواب مع عدم التعمد؟ وتفسير الحسبة بأنها عن غير عمد لم أقع عليه ولا أعقله

٥ - ذكر الأستاذ في تدوين الحديث أنه كان في أول أمره مشوباً بأقوال الصحابة في التفسير، وغيره من مسائل دينية، أو طرف أدبية، أو أبيات شعرية الخ. فمن أين وصل إلى الأستاذ أن الحديث في أول أمره كان ممزوجاً بالطرف الأدبية والأبيات الشعرية، وأقدم كتاب وصل إلينا ممزوجاً فيه الحديث بأقوال الصحابة وفتاوي التابعين موطأ الإمام مالك، فأين ما فيه من طرف وشعر؟ وإذا كان ذلك المزج قبل طبقة مالك، فمن أي مصدر استقى الأستاذ هذه الفكرة؟ والذي ذكره الحافظ في مقدمة الفتح أن الجامعين للحديث كانوا يجمعون كل باب على حدة إلى أن انتهى الأمر إلى كبار الطبقة الثالثة، فصنف الإمام مالك موطأه بالمدينة، وابن جريج بمكة، وعلى رأس المائتين جرد الحديث من أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، إلى أن جاء الإمام البخاري فميز الصحيح الخ ما ذكر.

٦ - ذكر الأستاذ أن الفقهاء كبلهم التقليد فلم يعتنوا بكتب الحديث، ولم يعطوها حقها من البحث والدرس الخ ما قال

وكلمة الفقهاء شاملة للأئمة المتقدمين، ومن بعدهم من استقل باستنباط الأحكام العملية والفروع الفقهية؛ والثابت أن قدماء الفقهاء قد أحلوا السنة محلها الممتاز، وجعلوها المصدر الثاني من مصادر التشريع، وإنما اختلفوا في الأخذ بها قلة وكثرة، وما كان الفقيه ليصل إلى درجة الاجتهاد إلا إذا أحاط الكثير من السنة رواية ودراية. والإمام أبو حنيفة - رحمه الله - مع التخرص عليه بقلة البضاعة في الحديث - كان له سبعة عشراً مسنداً، أي كتاباً مؤلفاً على حسب أسماء الصحابة، وتلميذه محمد اشتهر برواية الحديث عن مالك

وأقرب الظن أن الأستاذ أراد متأخري الفقهاء الذين جعلوا همهم العصبية المذهبية ولم ينظروا إلى الحق في ذاته، وهم الذين كانوا في عصور الجمود الفقهي

هذا، وفي المقال بعض هنات تجاوزت عنها، وحيث أن المقال ملخص كتاب سينشر، فإني لأهيب بالأستاذ أن يراجع نفسه في بعض هذه الحقائق التي تكشفت، وليكر على الكتاب من جديد بالتمحيص والتدقيق، وعلم الحديث ليس بالأمر الهين والبحث فيه يحتاج إلى صبر وأناة وتمحيص وتدقيق، ورحلة في سبيله إلى من أحاط به خبراً؛ وقصارى قولي: ليس

<<  <  ج:
ص:  >  >>