علينا عند ذوي الذمام، ويركب تنوخاً العار والذلة، فقال له: هون عليك ياعم، فلا بأس علينا، فلي سلطان يذب عني، ثم قام فاغتسل وصلى إلى نصف الليل، ثم قال لغلامه: انظر. . . أين المريخ؟ فقال: في منزلة كذا وكذا. فقال: زنه، واضرب تحته وتداً، وشد في رجلي خيطاً، واربط به إلى الوتد، ففعل غلامه ذلك، فسمعناه وهو يقول: يا قديم الأزل، يا علة العلل، يا صانع المخلوقات، وموجد الموجودات، أنا في عزك الذي لا يرام وكنفك الذي لا يضام، الضيوف! الضيوف! الوزير. الوزير! ثم ذكر كلمات لا تفهم، وإذا بهدة عظيمة؛ فسئل عنها، فقيل: وقعت الدار على الضيوف الذين كانوا بها، فقتلت الخمسين، وعند طلوع الشمس وقعت بطاقة من حلب على جناح طائر: لا تزعجوا الشيخ، فقد وقع الحمام على الوزير. قال يوسف بن علي: فلما شاهدت ذلك دخلت على المعري، فقال: من أين أتيت؟ فقلت: من أرض الهركار، فقال: زعموا أني زنديق، ثم قال: اكتب وأملي علي:
أستغفر الله في أمني وأوجالي ... من غفلتي وتوالي سوء أعمالي
قالوا هرمت ولم تطرق تهامة في ... مشاة وفد ولا ركبان أجمال
فقلت: إني ضرير والذين لهم ... رأي رأوا غير فرض حج أمثالي
ما حج جدي ولم يحجج أبي وأخي ... ولا ابن عمي ولم يعرف مني خالي
وحج عنهم قضاء بعدما ارتحلوا ... قوم سيقضون عني بعد ترحالي
فان يفوزوا بغفران أفز معهم ... أولا فإني بنار مثلهم صالي
ولا أروم نعيما لا يكون لهم ... فيه نصيب وهم رهطي وإشكالي
فهل أمر إذا حمت محاسبتي ... أم يقتضي الحكم تعناتي وتسآلي
من لي برضوان أدعوه فيرحمني ... ولا أنادي مع الكفار أمثالي
باتوا وحتفي أمانيهم مصورة ... وبت لم يخطروا مني على بال
وفوقوا لي سهاماً من سهامهم ... فأصبحت وقعاً مني بأميال
قالوا وهم كفيول في كثافتهم ... ولا نجاح لأفيال كأفيال
لما هتفت بنصر الله أيدني ... كأن نصرت بجبريل وميكال
وجاء إذ ذاك عزرائيل يغضب لي ... فيقبض الروح مغتاظاً بإعجال
فما ظنونك إذ جندي ملائكة ... وجندهم بين طواف وبقال