للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الحبس الضيق والأكبال.

وقيد إيتاخ في سجنه وصير في عنقه ثمانون رطلا وقيد ثقيل وكانت وظيفته رغيفاً وكوزاً من ماء.

ولما حبس اسحق بن إبراهيم عمر بن فرج ألبسه جبة صوف وقيده بالأكبال.

وحبس بختيشوع المتطبب في المطبق فضرب مائة وخمسين مقرعة وأثقل بالحديد.

وقد كانت جبة الصوف تدهن أحايين كثيرة بالنقط أو بماء الأكارع، كما فعل بجبة ابن الفرات وغيره. أما القيد فربما بقيت آثاره بعد فكه. وهذا ما حدث لأبي العباس أحمد. . . ابن الفرات، فقد علق بحبال في يديه بقيت آثارها فيها مدة حياته، وربما أصاب المسجونين الإهمال، فلم يكسوا أو يطعموا. وقد ذكر ابن المعتز أن الرشيد أرسل مسروراً الكبير إلى البرامك، وهم في الحبس يتعرف حالهم. فصار إليهم فوجد الفضل ساجداً فهتف به فلم يجبه، فدنا منه فوجده نائماً يغط. وكان في ثوب سمل، وذلك في الشتاء والبرد شديد.

فأنت ترى أن لباس السجناء جبة من صوف، وأن طعامهم رغيف في اليوم، وشرابهم كوز من ماء، وقيودهم السلاسل والأكبال.

وربما كان للسفهاء في السجون العامة سيطرة وسلطان. نستدل على ذلك من أبيات قالها عبد الملك بن عبد العزيز وكان قد حبسه الرشيد، وهي:

ومحلة شمل المكاره أهلها ... وتقلدوا مشنوءة الأسماء

دار يهاب بها اللئام وتتقي ... وتقل فيها هيبة الكرماء

ولم يكن يسمح للمحبوسين أن يقابلوا أحداً. وقد يكون ذلك بالرشي. حدث محمد بن صالح العلوي قال: (وجاءني السجان يوماً وقال إن بالباب امرأتين تزعمان أنهما من أهلك، وقد حظر علي أن يدخل عليك أحد. إلا أنهما أعطتاني دملج ذهب، وجعلتاه لي إن أوصلتهما إليك، وقد أذنت لهما، وهما في الدهليز، فاخرج إليهما. . .).

ويقول ابن المعتز إن البرامكة كان يزورهم في محنتهم من كان يألفهم أيام نعمتهم حتى أن الرشيد كان يقول لسعيد بن وهب (آنس القوم بحديثك، وأكثر من زيارتهم).

وهنا قد يتساءل الإنسان: أكان السجناء يتعلمون في السجن صناعة ما أو علماً؟ ويذهب آدم متز إلى أن المسجونين كانوا يشتغلون بنسج التكك، مستنداً على بيت من الشعر قاله ابن

<<  <  ج:
ص:  >  >>