للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعتز، لم نجده في ديوانه، وهو:

تعلمت في السجن نسج التكك ... وكنت امرءاً قبل حبسي ملك

على أننا لا نستطيع أن نجزم بذلك. فابن المعتز سجن في مكان خاص منفرد؛ ولم تكن مدة سجنه طويلة حتى يتعلم، على أنه إذا نفينا ذلك عن ابن المعتز، فقد يكون لسجناء، في السجون العامة الأخرى.

ويحدثنا إبراهيم الموصلي أنه حبس أيام المهدي وضرب قال: فحذقت الكتابة والقراءة في الحبس. وليس في هذا أيضاً ما يوجب التعميم.

وما كادت المائة الثانية من الهجرة تمضي، حتى بدأت السجون تنال عناية من الخلفاء؛ ولا سيما المعتضد. فقد أوقف لها الأموال الكبار لنفقات المحبوسين وثمن أقواتهم ومائهم وسائر مؤنهم. وقد جعل في ميزانيته ألف وخمسمائة دينار في الشهر لذلك. ويحدثنا القفطي أنه عين لمن في السجون أطباء أفردوا لذلك. فكانوا يدخلون إليهم ويحملون معهم الأدوية والأشربة، ويطوفون على سائر الحبوس ويعالجون فيها المرضى، كما جعل للمحبسين ديوان خاص تكتب فيه قصصهم في دفاتر خاصة يرجعون إليها دائماً.

التعذيب

وكانوا يلجئون في بعض الأحايين إلى تعذيب السجين تعذيباً مؤلماً. وقد يخص بالعذاب الوزراء والعمال. وسنعرض عليك ألواناً مختلفات من التضييق والتعذيب؛ فقد كان سليمان بن وهب في أول حبسه بالبئر (يأنس بالخنافس وبنات وردان ويتمنى الموت لشدة ما هو فيه).

وحبس محمد بن القاسم. . . بن علي بن أبي طالب في الحبس الذي شيد في بستان موسى (فلما أدخل إليه أكب على وجهه في أسفل بيت منه. فلما استقر به أصابه من الجهد لضيقه وظلمته، ومن البرد لندى الموضع ورطوبته، ما كاد يتلفه).

أما الضرب والتعذيب فكثير: فقد ضرب بختيشوع المتطبب مائة وخمسون مقرعة. وضرب يحيى بن خالد، والفضل ابن يحيى وسوهر محمد بن عبد الملك، ومنع من النوم، وكان ينخس بمسلة (تؤلمه وتدمي جسده).

ولما سجن المعتز بعد خلعه دفع إلى من يعذبه ومنع من الطعام والشراب ثلاثة أيام، فطلب

<<  <  ج:
ص:  >  >>