ليغريه بالرقص واللعب، وكانت زفرات المسكين تتصاعد فتتلاشى في ضحك الضاحكين وقهقهة الصاخبين، فقلت هو الضعيف ويله من غوغاء الشوارع وأوباشها!. . .
ويقول:
وسمرت ليلة في جمع من أرباب الحجى وذوي الفضل، فتصدرنا ضعيف أخذوه بيده إلى أرفع مجلس فأوهموه العظمة وراحوا على حساب ذلك يتغامزون ويعبثون. ومضت ليلة حسبت صاحبي سيقضي في نهايتها كمداً وهماً، فقلت هو الضيف ويله من أبناء الحياة صغارهم وكبارهم وغوغائهم وأشرافهم!!
فحذار. حذار يا صاحبي أن تكون ضعيفا. . .)
ومن هذا الكلام تستبين تأثر الكاتب بطريقة المنفلوطي كما تستبين حماسته التي استفادها من أدباء المهجر
والشعر الحجازي لا يزال أقوى من النثر، ويظهر أن هذه حقيقة مقررة في كل أدب ناشئ؛ فإن الشعر دائما في بداية النهضات يطغي على النثر حتى إذا ما توافرت أسباب النهوض ونمت دوحة الأدب تقدم النثر لاهتمام الناس به وتأخر الشعر عن منزلته شيئا فشيئا، وقد حدث مثل هذا في نهضتنا المصرية في العهد الحاضر.
ويعالج النثر الحجازي في الغالب الكثير النواحي الاجتماعية: فهو يتناول النواحي الخلقية يحاول إصلاحها وهو ينتقد ضعف الشباب وعدم طموحه ويرسم له المثل العليا، وهو يتحدث عن المرأة الحجازية ليقوي مكانتها الاجتماعية فتصبح أماً صالحة تستطيع أن تربي أبنائها وتأخذ بأيديهم إلى طريق الفلاح وهكذا. . . وهو يسوق ذلك كله في طرائق مختلفة، وأظهر تلك الطرائق التهكم من الحالة الاجتماعية القائمة والعرض القصصي والأسلوب الخيالي.
أما القصة العصرية عندهم فلا تزال مجهولة وذلك لأن إتقان القصة يحتاج إلى زمن طويل يتملأ فيه الأدباء مناهج الغربيين ويعرفون طرائقهم فيها، وإذا كانت مصر إلى الآن لا تزال متعثرة في فن القصص مع أنها بدأت تترجم هذا الفن عن الغربيين منذ عهد إسماعيل فما بالك بالحجاز ونهضته لا تعدو ثلاثين سنة.
نعم، لقد بدأ بعض الحجازيين ممن يعلمون اللغات الأجنبية يترجمون بعضا من الأقاصيص