للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفضيلة أخرى كانت من أخص فضائله - أكرم الله مثواه - تلكم هي الوفاء - هذه الصفة التي غاص نبعها في نفوس الناس حتى الخلصاء منهم والأصفياء.

فلقد شاء كرم أبناء المعهد الكريم - دار العلوم - أن تقام لي حفلة تكريم منذ شهور فلم تحجزه العلة المعقدة عن الخطابة على ما كان يشعر به من ضعف وألم، فأبحت لنفسي الكلام عنه وأنا العارف بزهده وبرمه - من أن يسمع الثناء عليه، فسجلت في كلمة الشكر، ما أدين به، وأعتقده في شخصه الجليل، ولست أرى ضيراً من أن أختم هذه الكلمة القصيرة بما جاء على لساني إذ ذاك وأنا أنعم برؤيته بين المتكلمين الإجلاء، ففيها ذكرى لحياة كانت حافلة بجلائل الأعمال، والذكرى تنفع المؤمنين.

أما أستاذي المفضل في سائر مراحل التعليم، فهو العلامة الكبير والباحث المدقق أحمد بك إبراهيم، فله علي فضل الإرشاد والتوجيه والتعليم، وقد كنت أحاول أن أتخذه قدوة، ولو اقتدى به سائر المصريين لما بكينا على العلم، ولا على الأدب والدين.

إبراهيم دسوقي أباظة

(الرسالة) العاتبة و (الرسالة) المعتوبة

قرأنا (الرسالة) الفلسطينية العاتبة، وقرأنا جواب (الرسالة) المصرية المعتوبة. وكانت أحكام الأولى جائرة جد جائرة، وكانت احجاج الثانية دامغة جد دامغة، فتلك زعمت أن مجلة (الرسالة) تؤثر الأدب المصري فتنشره، وتضن على الأدب الفلسطيني فتطويه. وهذا زعم - لعمر الحق - باطل. ولست هنا بصدد أن أدفع تهمة أو أرد شبهة، ولكن العتاب الشديد والجواب السديد أثارا في نفسي ذكرى تتعلق بأول قصيدة نشرتها لي مجلة (الرسالة) الزاهرة لا أرى بأساً في تسجيلها على صفحاتها.

كان ذلك منذ سنوات سبع خلت، يوم انتهيت من نظم قصيدة في أبي الذي كان يرسف في قيوده إبان الثورة الفلسطينية الخالدة. أخذت أنظر في تلك القصيدة من وراء دموعي، وكانت في نظري جيدة، وأحببت أن أفاجئ بها شقيقي المرحوم إبراهيم منشورة في إحدى الصحف، وكثيراً ما كان يحلو لي أن أفعل ذلك معه اعتزازاً وثقة بشعري. ونزعت بي نوازعي إلى أن أبعث بها إلى مجلة (الرسالة). ولكنني ترددت وجفلت، إذ أين اسمي الخامد

<<  <  ج:
ص:  >  >>