للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أدوات، فأرجو منك أن تصحح موقفي أمام الناس وألا تضطرني إلى أن أتولى ذلك بنفسي.

توفيق الحكيم

وأنا أسرع قبل كل شيء إلى تصحيح موقف توفيق لا أمام الناس، بل أمام نفسه وأمام رؤسائه في وزارة المعارف. فقد كنت أشفق عليه من هؤلاء الرؤساء كما كنت أشفق عليه من نفسه إذا اتصل بهؤلاء الرؤساء. فالذين يعملون في وزارة المعارف لا ينبغي أن تظهر الصلة بينهم وبيني، لان هذه الصلة خطرة حقاً. وما رأيك في قوم يعملون في هذه الوزارة ثم يتصلون برجل لا يزال من يوم إلى يوم ينال هذه الوزارةورؤساءها بالنقد الشديد. وأؤكد لصديقي توفيق إني لم انشر كتابه هذا إلا تصحيحاً لموقفه أمام رؤسائه وأمام نفسه، فسيعلم رؤساؤه منذ اليوم انه قد أساء إلي عمداً وفي غير ما يبيح الإساءة، وانه قد قطع ما بينه وبيني من صلة، وانه قد سجل هذه القطيعة في كتاب، أني قد سجلت هذه القطيعة في صحيفة سيارة. ليشيع أمرها بين الناس. واضن أن رؤساءه منذ اليوم سيرفقون به، ويعطفون عليه، ويحسنون الرأي فيه. وأظن انه سيحس منهم ذلك فيطمئن على منصبه ويستريح إلى رضى رؤسائه عنه، ويبتسم له الأمل بالمستقبل القريب والبعيد.

والآن وقد صححت موقف توفيق أمام نفسه وأمام رؤسائه أريد أن أصحح موقفه أمام الناس وأمام الأخلاق وأمام الأدب أيضاً. فموقفه أمام هؤلاء جميعاً في حاجه إلى تصحيح لم يخطر لصديقنا ببال فيما يظهر لانه كان مشغولاً بنفسه ورؤسائه، ولعله كان مشغولاً بذلك القيظ الشديد، الذي أخرج كثيراً من الناس عن أطوارهم منذ أيام.

فأما قول توفيق إني قد أسرفت حين زعمت انه احدث بالأدب العربي حدث لم يسبقه إليه احد، فإني احمده له وإني كنت اعرف أن هذا الكلام كان يرضيه، وانه كان يحب أن يسمعه وأن يقرأه قبل هذا الأسبوع الذي هاجمت فيه وزارة المعارف مهاجمة عنيفة، ومن الحق انه تحدث إلي بان للجاحظ ملكة حوار ولكن من الحق أيضاً أنه نبهته إلى أن الحوار شيء والتمثيل شيء آخر، وإلى أن الكاتب يستطيع أن يكون محاوراً مجيداً دون أن يبلغ من التمثيل شيئاً. فإذا كان الجاحظ قد أتقن الحوار وبرع فيه فلا ينبغي أن يفهم من هذا بحال أن الجاحظ قد عرف التمثيل أو ألم به أو كان يمكن أن يخطر له التمثيل على بال. وانه

<<  <  ج:
ص:  >  >>