وسكت عني. فلما تفرق الناس إلا أقلهم نهضت للقيام فأشار إليّ أن اجلس، فجلست حتى خلا المجلس ولم يبقى غيري ومن بين يديه من الغلمان فقال: يا أبا سعيد، ما معنى قولك: ما ألاقتني بلاد بعدك؟ قلت: ما أمسكتني يا أمير المؤمنين، وأنشدت قول الشاعر:
كفاك كف ما تليق درهما ... جودا وأخرى تعط بالسيف دما
أي ما تمسك درهما. فقال: هذا أحسن. وهكذا فكن، وقرنا في الملا، وعلمنا في الخلا، فانه يقبح بالسلطان أن لا يكون عالما، إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذ لم أجب، وإما أن أجيب بغير الجواب فيعلم من حولي أني لم أفهم ما قلت.
قال الأصمعي: فعلمني أكثر مما علمته. . .
ج ٩ ص ٢٣١: (الرضى من قصيدة في رثاء ابن الحجاج):
لسان هو الأزرق القعضبيّ ... تمضمض في ريقه الأفعواني
وجاء في الشرح: القعضبي نسبة إلى قعضب وهو رجل كان يصنع السنان. الأفعواني منسوب إلى الأفعوان وهو الثعبان فهو صفة لريق.
قلت: (تمضمض في ريقة الأفعوان) في الصحاح: الريق الرضاب والريقة أخص منه. وفي (ديوان الرضي): (من ريقه) و (في) أصح من (من).
ج ١٦ ص ١٥٠: قال أبو العباس ثعلب: جمع الحسن بن قحطبة عند مقدمه مدينة السلام الكسائي والأصمعي وعيسى بن عمر، فألقى عيسى على الكسائي هذه المسألة: (همكٌ ما أهمَّك) فذهب الكسائي يقول: يجوز كذا ويجوز كذا. فقال له عيسى: عافاك الله: إنما أريد كلام العرب، وليس هذا الذي تأتي به كلام العرب.
قال أبو العباس: وليس يقدر أحد أن يخطئ في هذه المسألة لأنه كيف أعرب فهو مصيب. وإنما أراد عيسى بن عمر من الكسائي أن يأتيه باللفظة التي وقعت إليه.
قلت: هذا مما قيل في المسألة. . .
في (التلويح في شرح الفصيح) لأبي سهل محمد الهروي. والفصيح للإمام ثعلب:
وتقول: (همَّك ما أهمَّك) فهمك مرفوع بالابتداء، وما أهمك خبره، وتقديره حزنك هو الذي حزنك ولم يحزن جارك ولا غيره من الناس. وأهمني الشيء بالألف حزنني، وهمني بغير ألف إذابني. (ص ٧٦)