وجعلت تستنشق رائحة الإوزة التي تشوى خلف جدار ذلك المنزل وتركت خيالها يدور حول ما فيه من طعام، وأحست بوطأة البرد فجعلت تدفئ أطرافها بإشعال أعواد الثقاب، وعلى ضوئه ابتدأت قصة حلمها فقد رأت جدتها الميتة التي كانت تحنو عليها وتحبها كل الحب وصارت تستنجد الجدة أن تأخذها عندها وأخيراً تستجيب لتوسلاتها. وفي الصباح ترى طفلة ميتة مرتكنة على جدار منزل، وما برح شفتيها ابتسامة الرضى؛ فقد كانت تنعم هناك قرب جدتها، ومع تقارب الفكرة في القصتين فلكل منهما طريقته وأسلوبه ولعل قصة أمين لا تقل روعة عن قصة هانس أندرسون
ولعل كاتبنا أبعد الكتاب تأثرا بالصور التي يأخذها للحياة عن طريق الثقافة بل يلجأ إلى الحياة نفسها ويتغمر بمشاعره بين شخصياتها إذ للكاتب معالجته الكثيرة في الحياة وصوره التي لا تنفد من فصولها ونماذجها الإنسانية التي تحس بحرارة حياتها ولفحات أنفاسها. بل تحس بأجوائه الشعرية العاطرة كأنك تعيش فيها.
بقي أن أقول إن مجموعته جديرة بأن يحتفل بها قراء العربية وأن كاتبها جدير بأن يحتفل به نقاد الأدب والقصة إذ في إنتاجه دليل على حيوية في القصاص المصري، وأمل كبير في أن تزاحم قصصنا الإنتاج القصصي العالمي. وما احسبني مغاليا فيما أقول.