الجنازة فكبر أربعاً، ثم نقل الجثمان إلى القبر، ودخل معه عمر وطلحة، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأراد عبد الله بن أبي بكر أن يدخل، فقال له عمر: كفيت). ومن هذا يفهم أن عبد الله بن أبي بكر قد حضر وفاة أبيه ودفنه، وهذا لم يحدث، والذي منع حدوثه أن عبد الله كان قد توفي قبل ذلك بعامين، وقد ذكرت جميع المظان موت عبد الله في خلافة أبيه، وهاك ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب:(ومات، أي عبد الله بن أبي بكر، في أول خلافة أبيه، وكان قد ابتاع الحلة التي أرادوا دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بتسع دنانير ليكفن فيها، فلما حضرته الوفاة قال: لا تكفنوني فيها، فلو كان فيها خير كفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ودفن بعد الظهر، وصلى عليه أبوه، ونزل في قبره عمر وطلحة وعبد الرحمن أخوه).
وقد ذكر الدكتور هيكل باشا نصاً في الصفحة السابقة للصفحة التي أورد فيها النص الذي نحن بصدده، لو أنه استقرأه ومحصه قبل أن يثبته لما وقع في هذا الخطأ، فقد ذكر حديثاً على لسان الصديق إلى عائشة أم المؤمنين جاء فيه:(يا بنية، إن أحب الناس غنى إلى بعدي أنت، وأن أعز الناس فقراً بعدى أنت، وإن كنت نحلتك أرضى التي تعلمين، وأنا أحب أن ترديها علي فيكون ذلك قسمة بين ولدي على كتاب الله، فإنما هو مال الوارث، وهما أخواك وأختاك، ولم يكن لعائشة غير أخت واحدة فسألت أباها ذلك فقال: (ذو بطن أبنة خارجة، فإني أظنها جارية). وهذا الذي قاله الصديق يدل على أن لعائشة أخوين اثنين لا ثالث لهما هما: عبد الرحمن بن أبي بكر، ومحمد بن أبي بكر، الذي ولد في حجة الوداع، أما التي كانت حبيبة بنت خارجة بها حامل، فهي أم كلثم، وقد ولدت بعد موت الصديق، فلو كان عبد الله حياً لما قال أبو بكر:(. . . وهما أخواك وأختاك)
وأظن أن الذي أو قع الدكتور هيكل باشا في هذا الخطأ هو أنه وجد النص الآتي في كتاب لطبري:(. . . أن أبا بكر حمل على السرير الذي حمل عليه رسول اللهم صلى الله عليه وسلم، ودخل قبره عمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأراد عبد الله أن يدخل فقال له عمر: كفيت).
هذا ما أورده الطبري، وقد أضاف الدكتور هيكل من عنده ابن أبى بكر بعد عبد الله، فجاء هذا الخطأ، وقد يكون عبد الله هذا الذي ذكره الطبري هو عبد الله بن الزبير حفيد أبي