فيندفع من الخلف إلى الإمام، ومن الإمام إلى الخلف، فإذا كنت قويةً أو مدرباً، بلغ بك غلواً كبيراً.
(وإذا لم يعجبك هذا الذي اقترح به فانه لا يبقى لك إلا أن تذهب إلى القبور فتزور موتاك، وتترحم عليهم وتستغفر لهم، والسلام).
وقد ندمت بعد أن وضعت الكتاب في صندوق البريد، لأني خفت أن يصدر رأي، فيفعل ما أشير به! ومن الغريب أن هذا هو الرد الوحيد الذي بعثت به على ما جاءني من الرسائل في شهر كامل!
صدق من قال: يُثاب المرء رغم انفه!
ما اعجب غرور الإنسان! وما أحوج الإنسان إليه!
لي صديق - وفي هذا مبالغة قليلة ولكنه لا ضير منها - ليس بينه وبين الغوريللا فرق، وقد اعتاد أن يتخذ مكانه كل يوم على مقهى يكثر مرور الناس - رجالاً ونساء - على رصيفه، وهو على طريقي في أغلب غدواتي وروحاتي. ومن عجيب أمره انه شديد التألق في ملبسه، كأن من الممكن أن يحجب حسن الهندام قبح الوجه وسخافة القوام. وكان أولى به في رأيي أن يتواري عن العيون في مقهى في زقاق ضيق إذا كان لابد من الجلوس في مقهى. وقد سألته مرة وقد ألح على في مجالسته: لماذا تؤثر هذا المكان والضجة فيه عظيمة!
قال (أتفرج على الناس)
قلت (ويتفرجون عليك!)
فلم يسؤه قولي بل ضحك وقال (لا بأس: يتفرجون وأتفرج)
قلت (أواثق انك تحمد العاقبة!)
قال (لا شك! انظر إلى هذا الفتاة التي ترشقني بنظرتها الحلوة)
فأحنقني واستفزني هذا الغرور وقلت (لعلك تظن انك فتنتها بجمالك؟)
فما انهزم والله، بل قال (وهل في هذا شك؟)
فلم أطق صبرا على هذا الغرور فانصرفت عنه، وأني لأدرى أن بالإنسان حاجة إلى قدر من الغرور يعوذ ويعول عليه، ويستمد منه القدرة على احتمال حياته: ولكن هذا قد جار