ثلاثة أشخاص مقيمين مجاورين، فسألتهم عن المشهد وأنا متعجب لحسن بنائه وإتقان تشييده: ترى هذه عمارة من؟ فقالوا: لا نعلم ثم قال أحدهم: إن الشيخ أبا علي الفارسي جاور في هذا المشهد سنين عديدة، وتفاوضنا في حديثه، فقال: وله مع فضائله شعر حسن، فقلت له: ما وقفت له على شعر، فقال: وأنا أنشدك من شعره، ثم أنشدني بصوت رقيق إلى غاية ثلاث أبيات، واستيقظت في اثر الإنشاد، ولذة صوته في سمعي، وعلق على خاطري منها البيت الأخير وهو:
الناس في الخير لا يرضون عن أحد ... فكيف ظنك سيموا الشر أو ساموا
ج ١٨ ص ٢٨٦: قال (الحميدي الحافظ المؤرخ الأديب):
لقاء الناس ليس يفيد شيئاً ... سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا ... لأخذ العلم أو إصلاح حال
قلت:(من قيل وقال)(أو إصلاح حال)
ج ١٩ ص ٢٠٢:
كأن القلب ليلة قيل يغذى ... بليلى العامرية أو يراحُ
قطاة غرها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح
قلت:(غرها شرك) كما روى الكامل والحماسة والأغاني وفس التبريزي. وقد نسب الشعر في الإرشاد والحماسة إلى نصيب بن رياح. وقال صاحب الكامل: أحسبه توبة، وقال أبو الحسن الأخفش: يقال: إنه لمجنون بنى عامر وهو الصواب، وعزى في الأغاني في موضعين إلى (المجنون) فضاع - والحالة هذه - قائله.
مما قيل في (مجنون ليلى) في (الأغاني):
عن المدائن عن ابن دأب قال: قلت لرجل من بنى عامر: أتعرف المجنون وتروى من شعره شيئاً؟ قال: أو قد فرغنا من شعر العقلاء حتى نروي أشعار المجانين! إنهم لكثير، فقلت ليس هؤلاء أعني، إنما أعني المجنون بنى عامر الشاعر الذي قتله العشق، فقال: هيهات، بنو عامر أغلط أكباداً من ذاك، إنما يكون هذا في هذه اليمانية الضعاف قلوبها، السخيفة عقولها، الصعلة رءوسها، فأما نزار فلا.
عن أيوب بن عباية أن فتى من بنى مروان كان يهوى امرأة منهم فيقول فيها الشعر،