ويشعر دون أن يعرف انه يشعر، أي بعبارة أخرى ليست لدية (ذات) أو (إنية).
أما الحياة الإنسانية فإنها تبدأ حيث تنتهي الحياة الحيوانية، أي حيث يبدأ الشعور بالذات، أو التجربة الباطنة التي تدرك فيها الذات نفسها على أنها قوة فاعلة وإرادة حرة. وبعبارة أخرى فإن الإنسان يحيا حياة إنسانية خالصة، إلا بقدر ما يتحرر من الضرورة العمياء، والأهواء الأنانية. والحيوانية داخلة في الحياة الإنسانية، نظراً لان الانفعال موجود في الإنسان إلى جوار الفعل؛ ولكن في استطاعته الإنسان أن يشارك في حياة غير إنسانية، هي حياة الروح التي تعلو على الحياة البشرية. وفي هذا الصدد يتفق بيران مع نيتشه الذي يقول: إن الإنسان وتر مشدود بين الحيوان والإنسان الأعلى - وما يميز الحياة الإنسانية بالنسبة إلى الحياة الحيوانية والحياة الروحية، هو النشاط والشخصية وحرية الفعل؛ أعني المجهود الذي يبذله الإنسان في مقاومة الأهواء، وتنمية قواه النفسية، من أجل الوصول إلى حياة إنسانية بمعنى الكلمة. أما بالنسبة إلى ما هو دون الإنسان أو ما هو فوق الإنسان، فليس ثمة جهاد أو صراع، لأنه ليس ثمة جهد أو مقاومة -.
والحياة الإنسانية هي في أعلى صورها تحرر من نير الأهواء والانفعالات، وتجاوز لمرتبة الحياة الحيوانية، وارتفاع إلى مرتبة الحياة الروحية.