للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المنفعة. فما أُحرى الناس أن يكونوا جميعاً في الإنسانية أخواناً يتميز الصالح بعلمه وعمله لا القوي ببطشه وجبروته؛ وهي كلمة قالها الله تعالى في كتابه: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وهكذا قالها الإسلام منذ أربعة عشر قرناً ولم يجعل للعرب فضلا على من عداهم من الأمم بل سوى بين الجميع وجعل الأفضلية للتقوى وللعمل الصالح المفيد

سادتي:

قبل أَن أتحدث إليكم عن أثر الواقع في تطور العالم اليوم نحو وحدة عالمية يجدر بي أن أضع أمام أنظاركم صورة من هذا التطور في القرن التاسع عشر فأروي لكم ما تحدث به مستر كارول رأيت الذي كان مديراً لمكتب العمل بالولايات المتحدة في أحد تقاريره من أنه كان يوجد صانع مسامير يدعى يوناتام في ولاية مسانشوسيت وقد رأى في منامه في ليلة من ليالي عام ١٨١٣ شبحاً يطلب إليه أن يرفع أجور عماله بما يوازي النصف وأن يخفض ثمن مبيعاته بما يوازي الثلث تقريباً، فشجب يوناتام قائلا إنه بهذا يسير نحو إفلاس محقق، ولكن الشبح أخبره أن أرباحه ستضاعف أضعافا مضاعفة. واستيقظ يوناتام من رؤياه منزعجاً وهو يعجب لهذا الأمر. ولم يمض وقت طويل حتى قدم إليه بعض المهندسين بآلة صناعية تدار بالبخار لعمل المسأمير؛ وما استخدمها يوناتام حتى تضاعف إنتاجه ونقصت أثمانه واتسعت تجارته وكثرت أرباحه وأصبح هو وأحفاده من أغنياء أمريكا.

يؤكد المستر كارول أيضاً أن هذه الرؤيا لم تكن خيالا وإنما كانت حقيقة واقعة، إذ أنه أجرى تحقيقاً دعمه بالأسانيد والأرقام فيما أنتجته الآلة البخارية التي استخدمها يوناتام من نتائج يستخلص منها أنه مع تضاعف أجور العمال قد تضاعفت الأرباح وتحقق للمستهلكين وفر كبير في أثمان المبيعات. وكذلك تحققت رؤيا يوناتام التي كانت في ظاهرها حلما من الأحلام.

أيها السادة:

إن اختراع الآلة الصناعية يدل على مبلغ التطور الذي حدث للعالم ويؤيد أن صاحب العمل والعامل والمستهلك جعلهم جميعاً يستفيدون وكانوا قبل أن توجد خصوماً لا ينتفع أحدهم إلا

<<  <  ج:
ص:  >  >>