أما أشر المحرضين فلم يكونوا الكهنة ولا رجال الشرع أنفسهم، وإنما كان الشبان الكثيري الإدعاء، ممن يحضرون حطبهم ومحاضراتهم. هؤلاء هم الذين يبثون في الجمهور العادي روح التمرد والشغب إنهم يهددون رومة وفي الوقت نفسه يساومون!. . . وقد علقوا لوحات ونشرات كبيرة على أسوار (أنطونيا) كتبت عليها جمل تحريضية فيها تشهير ببيلاطس وقيصر
(٥) خراب ودمار: وتمادى اليهود في تمردهم وشغبهم حتى يئست حكومة رومة من إيجاد علاج لهذه الحالة. فأرسلت (تيطي) القائد الروماني سنة ٧١ ميلادية، فحاصر القدس ثم هدمها وهدم الهيكل إلى أساساته. فهلك من اليهود مليون ومائة ألف نفس بالجوع والنار والسيف، ونحو ٩٧ ألفا بيعوا كعبيد، وما عدا جموعاً لا تحصى هلكت في أماكن أخرى في اليهودية، وتم بذلك قول المسيح عليه السلام:
(يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراحمة المرسلين إليها. كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا. هو ذا بيتكم يترك لكم خراباً.
وهكذا كانت إرادة الله، وبإرادته هذه انتهى الفصل الثاني من رواية الوطن القومي اليهودي في فلسطين!. . .
٣ - وعد بلفور
ظل اليهود بعد ضربة تيطي مشتتين في بقاع الأرض، وحل الحكم العربي محل الحكم الروماني سنة ٦٣٧ م. وقد فتحوا هذه لبلاد فتحاً إنسانياً عادلا. تدل عليه الوصية الخالدة التالية:
(ولا تخونوا ولا تغدروا، ولا تغلوا ولا تمثلوا. ولا تقتلوا طفلا ولا شيخاً كبيراً، ولا تقعروا نخلا وتحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً. وسوف تمرون بأناس قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له)
وهكذا كان الحكم العربي (الذي دام مدة ٨٨٠ سنة) نعمة كبرى للناس وبخاصة اليهود قلدت به أعناقهم. ثم انتقل الحكم إلى الأتراك العثمانيين سنة ١٥١٧ ميلادية، وكان العرب شركاء لهم في الحكم مدة ٤٠٠ سنة
وفي سنة ١٩١٧ احتل الإنكليز فلسطين وقلم اليهود بالتجربة القاسية للمرة الثالثة. ولسياسة