والفساد: لأن في ذلك ثورة على الطبيعة، وما كان ثورة على طبائع الأشياء فمنه الضرر كل الضرر، ولا يرجى له دوام، وان خيل لبعض الأفراد والجماعات (سطحية في تفكيرهم أو تعصبا لمذهبهم) إمكان الاستمرار عليه.
والطبيعة في هذا حكمها واحد لا يختلف باختلاف الأمم ولا باختلاف الإعصار والأمصار، ولا بتفاوت (البيئات) رقيا وانحطاطا ولا بتغاير الأفراد تربية وثقافة.
المرأة ربة لسرة وسيدة بيت، فمهما احتلت لتخرجها عما خلقت له من رعاية أطفال وتسلية أزواج وتدبير منزل. . . فإنما تحاول خرقاً لقانون طبيعي، إن أنت وفقت إلى إطالة هذا الشذوذ أزماناً فلن يخرجه العهد الطويل ولا العرف المنحرف عن أن يكون شذوذاً يقذى العين ويصدم الفؤاد.
فمن البداهة إذاً أن تكون قيادة الجيوش وإدارة المصالح وتدبير الممالك وسياسة الناس. . . فمن الرجال الخاص، كما أن الأمومة وتدبير المنزل فن نسوي محض.
ولئن حفظ التاريخ شواهد كثيرة في قيام المرأة بشؤون السياسة والإدارة، أني لا أجد في هذه الشواهد كلها ما يمس هذه القاعدة؛ بل أقرر أنها كلها تؤيدها. ولأي مثقف كان أن يسرد ما في ذهنه من ملكات أو قائدات أو زعيمات أو مدبرات ممالك، أو نائبات في المجالس. . . الخ يستقري أحوالهن واحدة واحدة ويمعن بها حف بهن. . . فسيدرك أن أكثرهن كن مسيئات بتصرفهن، عدن على بلادهن بأسوأ العواقب.
(وإذا زعم بعضهم أن حكومات النساء في بعض مماليك أوروبا كانت أرقى من حكومات الرجال، فذلك لأن حكومات النساء أدارها الرجال من وراء حجاب، و (الأمر) على العكس في حكومات الرجال: كثرت فوضاها في بعض الأدوار لأن النساء كن يدرنها في غفلة عن الرجال. . . وكن إذا تدخلن أمور الدولة تميل إلى الانحطاط؛ ولذلك كان عقلاء الملوك يحظرون على نسائهم الاشتراك فيما لا شأن لهن فيه من أمور السياسة. . .)
(وبعد فلماذا لم يقل لنا المنادون بإعطاء المرأة حقوقاً (سياسية) على مثال الرجال: كيف تمسى حال البيوت بعد انقلابهم الذي يتوقعونه؟ لا جرم أن الشقاء سيخيم على كل أسرة يشتغل رباتها خارج بيوتهن، اللهم إلا إذا كان في النية أن يعمدوا إلى دفع أولادهم إلى الحكومات تربيهم تربية مشتركة كأنهم بعض اللقطاء من أولاد النغول: لا يذوقون في هذه