تكون تحت الحماية البريطانية، ولم تكن الحرب قد دارت دائرتها على الترك، وكان الإنجليز من ناحية أخرى يشفقون أن يأخذوا بهذا الاقتراح مخافة أن يغضب فرنسا ويثير أطماع الدول الأخرى. فكتب الدكتور وايزمن إلى اللورد بلفور يقول له ما معناها إنه كانت بريطانيا لا تطمئن إلى وجود دولة غيرها في فلسطين، ولا تريد أن تبسط عليها حمايتها، فإنها ستضطر إلى اتخاذ الحيطة خارج فلسطين، وهذا الاحتياط ليس أيسر كلفة من تولى الحماية. ومن أجل هذا يقترح الدكتور وايزمن أن يستولي اليهود على فلسطين فيقوموا لبريطانيا مقام الحارس!
فالغاية لم تكن خافية على أحد، ولا كانت مكتومة أو مجهولة.
وينبغي أن يقال هنا، إن هذه المباحثات بين الإنجليز والصهيونيين كانت تدور في الوقت الذي كان السير هنري ماكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر في أثناء الحرب العالمية الأولى بكاتب المغفور له الملك حسين (وكان لا يزال الشريف حسين) بمكة. وقد انتهت المكاتبات بينهما بأن تعهدت بريطانيا بمساعدة العرب على الاستقلال والاعتراف لهم به من حدود تركيا إلى المحيط الهندي، ومن ساحل البحر الأبيض المتوسط والأحمر إلى حدود إيران والخليج الفارسي، واستثنت بريطانيا ساحل لبنان إرضاء لفرنسا. ولكن فلسطين لم تكن مستثناة، بل كانت داخله في البلاد التي تعهدت بريطانيا بالاعتراف باستقلال العرب بها ومساعدتهم على الفوز به. وكان ذلك كله في سنة ١٩١٥ أيضاً وهذه المكاتبات التي انتهت إلى الإتقان، وقام العرب بثورتهم المشهورة على أثرها، تعد معاهدة بلا مراء
ويعلل بعض الإنجليز هذا التناقض في سياسية بريطانيا بأن وزراء إنجلترا كان بعضهم لا يدري بما يفعله البعض الآخر. وهو تعليل لا يقبل. لأنهم في الوقت نفسه كانوا يفاضلون الفرنسيين بواسطة لجنة (سايكس - بيكو) المشهورة، وقد جاءت هذه اللجنة الثنائية إلى مصر، وكان المندوب السامي البريطاني في القاهرة على علم بما تصنع وعلى اتصال بها
وهذا التناقض هو الذي اضطر الإنجليز إلى الاكتفاء في وعد بلفور (بإنشاء وطن قومي للصهيونيين) في (فلسطين) والاختصار على ذلك حتى تتهيأ الوسيلة لإجابة الصهيونيين إلى ما يبغون، وهو إنشاء دولة لهم في فلسطين تكون لهم دون العرب. وكل ما قام به