للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصهيونيون في فلسطين بعلم الإنجليز وموافقتهم لم يكن إلا تمهيداً لقيام هذه الدولة.

وقد تنبه العرب وأدركوا مبلغ الخطر عليهم، ولست أعني عرب فلسطين فانهم كانوا يدركون هذا الخطر من أول يوم، وقد قاوموه وكافحوه بكل ما يدخل في الطاقة، وإنما أعني عرب البلاد الأخرى المحيطة بهم، فقد كان بعضهم أحسن إدراكا للخطر العام، من بعض، وكان كل فر يق منهم في بلاده مشغولا بقضيتها الخاصة، فالشام ولبنان في نضال مع الفرنسيين والعراق ومصر في مع نضال الإنجليز، وفلسطين المجاهدة واقفة وحدها لا تلقى من العون إلا أيسره، ولا يجود عليها أشقاءها إلا بالعطف على الأكثر، وإلا بقليل من العون لا يغني

أما الآن فتعتقد أن الخطر أصبح واضحا لا خفاء به. والفضل لعرب فلسطين في إيقاظ النفوس وتفتيح العيون على ما هو حائق بها، وما هي صائرة إليه لا محالة إذا لم يخف إخوانها إلى نجدتها. كما أن لهم الفضل أيضاً في التنبيه إلى الخطر على البلدان العربية الأخرى فليس يخفى الآن على أحد أن قيام دولة صهيونية في فلسطين يؤدي إلى ما يأتي: -

أولا - تفقد الجامعة العربية قيمتها، لأن فلسطين قلب البلاد العربية وقطب الرحى منها، فإذا ضاعت فلسطين ضعف الأمل في مكان التعاون الوثيق بين البلاد العربية على نحو يثمر الثمرة المنشودة

ثانيا - هذه الدولة الصهيونية تهدد كل بلد عربي مجاور لفلسطين، بل تهدد الشرق الأوسط كله. والصهيونيون أنفسهم يجهرون بأن الشرق الأوسط بأجمعه (مجال حيوي لهم) وسلوكهم قوامه (العنصرية) ولن يكون إلا بابا إلى النزاع

ثالثا - أقامت الصهيونية في فلسطين صناعات قد تثبت أو لا تثبت على المزاحمة الأجنبية، ولكنها على كل حال أضخم شابا وأوسع نطاقا من أن تكون فلسطين وحدها هي المقصودة بها. وقد اغتنم الصهيونيون فرصة الحرب وانقطاع الواردات الأجنبية فغزوا بإنتاجهم الصناعي أسواق الشرق كله، حتى كادت مصنوعاتهم تغرق هذه الأسواق وتقتل الصناعات المحلية. ويلاحظ - على الأقل في مصر - أنهم يسعون لسيطرة على صناعاتنا؛ لشراء أسهم المصانع إذا تيسر لهم ذلك، وبالضغط الذي يتسنى لهم - حتى إذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>