وأبو عبادة ثالث ثلاثة يرى ابن الأثير صاحب (المثل السائر) أنهم أشعر العرب، قال:
(والمذهب عندي في تفضيل الشعراء أن الفرزدق وجريرا والأخطل أشعر العرب أولا وآخراً. ومن وقف على الأشعار ووقف على دواوين هؤلاء الثلاثة علم ما أشرت إليه. وأشعر منهم عندي الثلاثة المتأخرون وهم: أبو تمام، وأبو عبادة البحتري، وأبو الطيب المتنبي، فان هؤلاء الثلاثة لا يدانيهم مدان طبعة الشعراء).
ووصف الثلاثة فقال في البحتري:
(وأما أبو عبادة البحتري فانه أحسن في سبك اللفظ على المعنى، وأورد أن يشعر فغنى، ولقد حاز طرفي الرقة والجزالة على الإطلاق، فبينما يكون في شظف نجد إذ تشبث بريف العراق. وسئل أبو الطيب المتنبي عنه وعن أبي تمام وعن نفسه؟ فقال: أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحتري. ولعمري إنه أنصف في حكمه، وأعرب بقوله هذا عن متانة علمه، فان أبا عبادة أتى في شعره بالمعنى المقدود من الصخرة الصماء في اللفظ المصوغ من سلاسة الماء، فأدرك بذلك بعد المرام مع قربة إلى الإفهام).
وقد نسب قول المتنبي الذي تفضل بإيراده ابن الأثير إلى أبي العلاء. جاء في (وفيات الأعيان): (ويقال: إنه قيل: لأبي العلاء أي الثلاثة أشعر أبو تمام أم البحتري أم المتنبي؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان، وإنما الشاعر البحتري).
وإنه ليستحيل أيما استحالة أن تفلت من الأحمدين هذه الفلتة، أو أن يتحرك لسانهما بها في المنام، وإنه كلام حاكه أديب، ومشى هذا المقول، هذا النجل مجهول النجل في الورى ذا نسبتني إن المتنبي ما كان يرى غير نفسه، وكان زهوه لا يعد الشعراء السابقين. وإلا قائلين صغيرين مبشرين بنبي في الشعر يأتي من بعدهم اسمه (أحمد)
هو في شعره نبي ولكن ... ظهرت معجزاته في المعاني
وما تسع الأزمان علمي بأمرها ... ولا تحسن الأيام تكتب ما أملي!
وتعظيم أبي العلاء العجيب لأبي الطيب ثابت مشهور. جاء في (أوج التحري):
(وكان أبو العلاء يفضل أبا الطيب المتنبي على غيره من الشعراء كأبي تمام والبحتري وابن الرومي وغيرهم، وإذا ذكر أحدا منهم أو أورد له شيئا يقول: قال أبو تمام، قال