(سئل الشريف الرضي عن أبي تمام وعن البحتري وعن أبي الطيب فقال: أما أبو تمام فخطيب منبر، وأما البحتري فواصف جؤذر، وأما المتنبي فقائد عسكر) وقد روي القول في (المثل السائر).
وللشيخ قول في حبيب في (رسالة الغفران) وهو (كان صاحب طريقة مبتدعة ومعان كاللؤلؤ متتبعة، يستخرجها من غامض بحار، ويفض عنها المستغلق من المحار).
وقال القاضي الفاضل في المتنبي، وقد روى قوله ابن الأثير في كتابه (الوشي المرقوم في حل المنظوم): (إن أبا الطيب ينطق عن خواطر الناس).
ومن أغرب ما يذكر في هذا المقام ما سطره ابن خلدون في الجزء الأول من (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر. . .) وهو المعروف بمقدمة ابن خلدون:
(كان الكثير ممن لقيناه من شيوخنا في هذه الصناعة الأدبية - يعني الشعر - يرون أن نظم المتنبي والمعري ليس هو من الشعر في شئ! لأنهما لم يجريا على أساليب العرب. . .).
وقد نعيت في مقالتي (المتنبي) على ابن خلدون وعلى شيوخه إفلاتهم هذا القول أو أفتلاتهم، ومما قلت:
كلام هؤلاء الشيوخ (شفاهم الله، وشفى ناقل قولهم معهم) ليس بشيء إلا شيئا لا يعبأ به، فأساليب العرب متنوعة مختلفة، وليس هناك أسلوب واحد، ولكل قبيل طريقة، وللبدوي بلاغة، وللحضري بلاغة، وللإقليم أو المكان وللخليقة والمزاج أثر وسلطان، ولكل قرن زي ولحن، و (أحسن الكلام ما شاكل الزمان).
والدنيا في تبدل مستمر (وأحوال العالم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر)، ولكل نابغة نهج معلوم. فتنكب المتنبي عما تنكب عنه، وسلوكه السبيل الذي سلكه ما ضاراه بل ظاهراه في إبداعه ونبوغه، وكان ذلك على هذه اللغة من نعم الله.
وقد جاءنا في هذا الوقت العالم الفاضل (دكتور محمد كامل حسين أستاذ جراحة العظام بكلية الطب) بآراء في ابن الحسين وشعره في مقالة عنوانها (التعقيد في شعر المتنبي) في مجلة: (الكاتب المصري) الغراء.