للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أين أنت لتعلم هؤلاء وهؤلاء كيف يردون العار الذي لطخ جبين الوطن في يوم ٤ فبراير؛ كما رددت الظلم الذي حاق بمصر في يوم دنشواي؟!

لقد يكون مفهوماً بعض الشيء أن تقف الصحف النحاسية هذا الموقف من الحلفاء الذين أرسلوا للملك بهذا الإنذار. . . أما غير مفهوم، فهم موقف الصحافة الوزارية على العموم!

إنهم يحرصون فيما يقال على صفاء الجو بيننا وبين السادة الإنجليز ونحن على أبواب المفاوضات أو المحادثات!

أية مفاوضات وأية محادثات، ما دام هؤلاء السادة يملكون في كل يوم وفي كل وقت أن يرسل (سفيرهم) - لا معتمدهم ولا مندوبهم السامي - بإنذار إلى (الملك) يقول فيه: (إذا لم أعلم قبل الساعة السادسة مساء أن هيّان ابن بيان قد دعي لتأليف وزارة فإن الملك يجب أن يتحمل تبعة ما يحدث) ثم يحضر بعد ساعات بدبابته فيحطم باب الملك كما حطمه في يوم ٤ فبراير لتنفيذ هذا الإنذار. ثم يجد من (هيّان ابن بيان) كل قبول؟!

وبعد هذا كله، وبعد أن تنشر أخبار المأساة يبقى السفير البريطاني سفيراً في بلاط هذا الملك الذي حطم باب قصره بالدبابات؟!

إن المعتمد الإنجليزي لم يبق بعد حادثة دنشواي في مصر، وهي أهون ألف مرة من حادث ٤ فبراير. وهذا هو الفرق الحاسم بين الأمس واليوم. والمعتمد الإنجليزي إذ ذاك هو لورد كرومر أحد بناة الإمبراطورية كما يصفه تاريخ الاستعمار الغشوم.

وا سوأتاه

أين أنت يا مصطفى كامل؟

أين أنت لتعلِّم زعماء اليوم كيف يردون العار الذي لطخ جبين الوطن في يوم ٤ فبراير، كما رددت الظلم الذي حاق بمصر في يوم دنشواي؟

لقد كان مصطفى كامل طليق اليد واللسان لأن أبهة الحكم لم تكن تداعب خياله، ولأن الجمة الحكم لم تكن تلجم بيانه. ولأنه لم يكن يؤمن بضمير أحد ولا يثق إلا بمصر الخالدة على الأزمان.

أما اليوم فنحن نثق بالضمير البريطاني فنعاهده، ونؤمن بالشرف البريطاني فنركن إليه!

أيها المصريون. . . أيها العرب أجمعين. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>