للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت، قبل أن يجمعها حماد، مفضلة على غيرها، وهو فضل يرجع في أغلب الظن إلى اختيار العرب الجاهليين إياها.

وأما أن العرب الجاهليين لم يعلقوا القصائد السبع على الكعبة، فهو ما نوافق ابن النحاس عليه. فقد بيننا في الفصل السابق من هذا البحث كيف أن الكتابة العربية قبل الإسلام لم تكن صالحة لأن تدون بها الأشعار. ونقول هنا (مستندين إلى ما يقوله المرحوم الأستاذ طه أحمد إبراهيم في كتابه تاريخ النقد الأدبي عند العرب ص ٢٣) إن ابن عبد ربه، وهو أندلسي من رجال أوائل القرن الرابع الهجري، أول من ذكر تلك القصة، قصة تعليق القصائد السبع على الكعبة؛ وإن إغفال المشارقة قبله هذه القصة كابن سلام وابن قتيبة والجاحظ والمبرد، وكتبهم من أمهات كتب الأدب، تجريح لها وإغراء برفضها.

فخلاصة رأينا هي أن المعلقات السبع من اختيار العرب القدماء في أغلب الظن، وأن حماداً هو الذي جمعها بعضها إلى بعض وجعل منها جملة معروفة، وأن تسميتها بالمعلقات لا تعني أنها علقت على الكعبة أو في داخل الكعبة.

فإذا سئلنا عن معنى كلمة المعلقات، أجبنا أنها تدل على الجودة والنفاسة، وأنها هنا على المجاز لا على الحقيقة. ومثلها في هذا كلمة السموط التي تطلق أيضاً على السبع الطوال. وهذا الإطلاق المجازي في غير حاجة إلى الشرح. وقد تكون كلمتا المعلقات والسموط من إطلاق العرب القدماء كما قد تكونان من إطلاق حماد، كما يرى نولدكه في كتابه ? (ص٢٢). ويرى هيار (ص٩) وتشارلز ليال في كتابه: (المقدمة، ص٤٥) أن كلمة المعلقات من إطلاق حماد. ثم إن للسبع الطوال اسماً آخر هو المذهبات، قد يكون من إطلاق القدماء، وقد يكون من إطلاق حماد. وواضح أن القصة لتي يذكرها ابن عبد ربه من أن العرب كتبوا السبع الطوال بماء الذهب في نسيج من صنع أقباط مصر وعلقوها بأستار الكعبة، واضح أن هذه القصة إنما نشأت من تسمية هذه السبع الطوال بالمعلقات أو المذهبات، ثم أخذ هذه التسمية على وجهها الحقيقي لا المجازي.

والآن، وقد بسطنا رأينا في المعلقات: اختيارها، وجمعها، وتسميتها، نعود فنناقش مقالة بعض المستشرقين في اختيارها، ونبين ما تنطوي عليه من زيف وخطأ.

يقول نولدكه في بحث له عن المعلقات (الموسوعة البريطانية، المجلد ١٥): (لم يكن من

<<  <  ج:
ص:  >  >>