هـ). وأما ما يذكره صاحب جمهرة أشعار العرب من أن المفضل قال:(القول عندما قاله أبو عبيدة في ترتيب طبقاتهم، وهو أن أول طبقاتهم أصحاب السبع معلقات، وهم امرؤ القيس وزهير والنابغة والأعشى ولبيد وعمر بن كلثوم وطرفة بن العبد)، ومن أنه قال:(هؤلاء أصحاب السبع الطوال التي تسميها العرب بالسموط، ومن زعم غير ذلك فقد خالف الجمهور) أما ما يذكره صاحب جمهرة أشعار العرب من قول المفضل هذا، فلا يمكن الاعتماد عليه، لأنه ظهر - كما يقول نولدكه نفسه - أن صاحب الجمهرة غير ثقة، وأنه إنما انتحل اسم أبي زيد القرشي ليخدع الناس عن نفسه. فالمفضل وأبو عبيدة، وهما معاصران لحماد، لم يخالفاه إذن في شعراء المعلقات ولم يجعلا النابغة والأعشى مكان عنترة والحارث بن حلزة؛ أو لم يثبت أنهما خالفاه.
فقد استبان إذن زيف رأي نولدكه؛ واستقام لنا ما قلناه من أن العرب القدماء هم الذين اختاروا المعلقات وفضلوها على غيرها، وأن حماداً هو الذي جمعها بعضها إلى بعض وجعل منها جملة معروفة متداولة. وما قلناه في رأي نولدكه يمكن أن نقوله في آراء من شايعه من المستشرقين، وأمثال أرندنك (الموسوعة الإسلامية، مادة حماد الراوية) وبروكلمان (كتابه المشهور، ج١ ص ١٨، وتكملة ج١ ص ٣٤) وغيرهما.
جمع حماد المعلقات إذن. بل إنه جمعها كما سمعها، فلم يصح عنه فيها انتحال.
كذلك روى حماد معظم شعر امرئ القيس. ففي المزهر (ج٢ ص ٢٠٥) أن الأصمعي قال: كل شئ في أيدينا من شعر امرئ القيس فهو عن حماد الراوية، وإلا شيئاً سمعناه من أبي عمرو ابن العلاء.
(ج) إشهاره بالانتحال
اشتهر حماد بالانتحال، وهو ما سنناقشه في الفصل الآتي من البحث. وإنما نكتفي هنا بحصر الأقوال والأخبار التي توردها كتب القدماء في صدد انتحاله، لتكون هذه الأقوال والأخبار موضع تمحيصنا فيما بعد.
أقوال العلماء فيه
١ - في الأغاني (ج٥ ص ١٧٢) ومعجم الأدباء (ص ١٤٠) وخزانة الأدب (ص ١٣١)