أن المفضل الضبي قال: قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أفسد فلا يصلح أبداً، فقيل له: وكيف ذلك؟ أيخطي في روايته أم يلحن؟ قال: ليته كان كذلك، فإن أهل العلم يردون من أخطأ إلى الصواب؛ لا، ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه به مذهب رجل ويدخله في شعره، ويحمل ذلك عنه في الآفاق، فتختلط أشعار القدماء ولا يتميز الصحيح منها إلا عند عالم ناقد، وأين ذلك؟
٢ - وفي الأغاني أيضا (ص ١٧٤) أن خلف الأحمر قال: كنت آخذ عن حماد الراوية الصحيح من أشعار العرب وأعطيه المنحول، فيقبل ذلك مني ويدخله في أشعارها.
٣ - وفي الأغاني أيضاً (ص ١٦٤) ومعجم الأدباء (ص ١٤٠) أن الأصمعي قال: كان حماد أعلم الناس إذا نصح (يعني إذا لم يزد وينقص في الأشعار والأخبار).
٤ - ويقول ابن سلام في طبقات الشعراء (ص ٢٣ - ٢٤)، وينقل عنه السيوطي هذا في المزهر (ج١ ص ٨٧)، أنه سمع يونس بن حبيب يقول: العجب لمن يأخذ عن حماد، كان يكذب ويلحن ويكسر.
٥ - وفي المزهر (ج٢ ص ٢٠٥) أن أبا حاتم قال: كان بالكوفة جماعة من رواة الشعر مثل حماد الراوية وغيره، وكانوا يصنعون الشعر ويقتنون المصنوع منه وينسبونه إلى غير أهله:
٦ - ويقول ابن سلام (ص٢٣)، وينقله عن السيوطي في المزهر (ج١ ص٨٧): وكان أول من جمع العرب وساق أحاديثها حماد الراوية؛ وكان غير موثوق به، كان ينحل شعر الرجل غيره ويزيد في الأشعار.
أخبار انتحاله
١ - يذكر أبو الفرج (ص ١٧٢ - ١٧٣)، وينقل عنه البغدادي (١٢٨ - ١٢٩)، أن أمير المؤمنين المهدي دعا المفضل الصبي وقال له إني رأيت زهير بن أبي سلمى أفتتح قصيدته بأن قال:
* دع ذا وعدِّ القولَ في هرم *
ولم يتقدم قبل ذلك قول، فما الذي أمر نفسه بتركه؟ فقال له المفضل: ما سمعت في هذا شيئاً، إلا أني توهمته كان في قولٍ يقوله أو يروّي في أن يقول شعراً قال: عد إلى مدح