هرم دع ذا، أو كان مفكراً في شئ من شأنه فتركه وقال: عد ذا أي دع ما أنت فيه من الفكر وعدّ القول فيهرم؛ وأن المهدي دعا بعد ذلك حماداً وحده، فسأله عن مثل ما سأل عنه المفضل. فقال ليس هكذا قال زهير أمير المؤمنين، قال: كيف؟ فأنشده:
* لمن الديار بقنّة الحجر *
الأبيات الثلاثة.
* دع ذا وعدّ القول في هرم *
البيت؛ وأن المهدي أطرق ساعة، ثم أقبل على حماد، فاستحلفه على هذه الأبيات ومن أضافها إلى زهير، فأقرْ له حينئذ أنه قالها، فأمر فيه وفي المفضل بما أمرهما وكشفه.
٢ - وفي الأغاني (ص١٧٤ - ١٧٥)، وخزانة الأدب (ص١٣١ - ١٣٢) أيضاً أن الطرمّاح بن حكيم قال: أنشدت حماداً الراوية في مسجد الكوفة، وكان أذكى الناس وأحفظهم قولي:
* بان الخليط يسحُرة فتبدّدوا *
وهي ستون بيتاً، فسكت ساعة ولا أدري ما يريد، ثم أقبل علي فقال: هذه لك؟ قلت نعم، قال: ليس الأمر كذلك، ثم ردها علي كلها وزيادة عشرين بيتاً زادها فيها في وقته.
٣ - وفي الأغاني كذلك (ص ١٧٣) أن حماداً قدم على بلال ابن أبي بردة البصرة، وعند بلال ذو الرمة، فأنشده حماد شعرا مدحه به، فقال بلال لذي الرمة: كيف ترى هذا الشعر؟ قال جيدا وليس له: فمن يقوله؟ قال: لا أدري إلا أنه لم يقله؛ فلما قضى بلال حوائج حماد وأجازه، قال له؛ إن لي إليك حاجة، قال: هي مقضية، قال: أنت قلت ذلك الشعر؟ قال: لا، قال: فمن يقوله؟ قال: بعض شعراء الجاهلية، وهو شعر قديم وما يرويه غيري، قال: فمن أين علم ذو الرمة أنه ليس من قولك؟ قال: عرف كلام أهل الجاهلية من كلام أهل الإسلام.
٤ - وفي طبقات الشعراء (ص٢٣)، والأغاني (ج٢ ص٥٠ - ٥١، وج٥ ص ١٧٢)، والمزهر نقلا عن ابن سلام (ج١ ص٨٧)، أن يونس بن حبيب قال: قدم حماد البصرة على بلال بن أبي بردة، فقال: ما أطرفتني شيئاً؟ فعاد إليه، فأنشده القصيدة التي في شعر الحطيئة مديح أبي موسى، فقال: ويحك! يمدح الخطيئة أبا موسى ولا أعلم به وأنا أروي للحطيئة؟ ولكن دعها تذهب في الناس.