للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشعور بالزهو والخيلاء بهذا البطل الذي لم يعرفوا كيف يصغرون اسمه تحببا لأن معاني العظمة فيه لم تسمح بمثل هذا التدليل، فهو لم يقبل الرشوة، ولم يأخذ أجراً مقابل قيادته الجيش زهاء سبع سنين، ولم يهن حيال أعدائه وشاطر جنوده الضراء، وكابد معهم تباريح الجوع وأوصاب المرض ولفحات البرد القاسي.

وإذا جاء دور الدستور الأمريكي، عرضه الكاتب على القارئ عرضا لبقا، فإذا هو نصوص لا تحوطها القداسة، ولا يتناهى عنده حبل الأشتراع، وإنما هو مواصفات قانونية مرنة تتكيف حسب الأجيال، وتتبلور وفق أقضية الناس ومشكلاتهم.

وحين يعرض المؤلف مذهب مونرو لا نرى فيه تلك الوثيقة الجافة التي طالما قرأناها في كتب التاريخ والسياسة، وإنما نرى فيها صورة حية من صور الحرية الإنسانية، تلك الحرية التي حفزت ابراهام لنكولن على إلغاء الرقيق وإعلان الحرب على الولايات الجنوبية التي أبت إلا أن يبقى رقيق الأرض على حاله، وكان أن لقي الرئيس الأمريكي نفسه بعد ما تحقق له النصر أو كاد.

فإذا تركنا الجانب السياسي من الكتاب وتلفتنا إلى الجانب الاجتماعي فيه، وجدنا المؤلف يتحدث بصراحة محببة عن الأغنياء الأنانيين الذين لا هم لهم سوى أحتجان الأموال واكتنازها، بيد أنه لا يدع القارئ يمعن في تخيلاته، حتى يبدهه بأسماء أولئك الأثرياء الإنسانيين في بلاد العام سام من أمثال كاربنجي الذي أنفق معظم ثروته ليساعد على إنشاء دور الكتب العامة المجانية ليتيح للفقراء أن يثقفوا أنفسهم، وروكفلر صاحب المؤسسة العظيمة التي عادت أبحاثها في الطب والعلم على الناس جميعا بالخير العميم وغيرهما ممن يضيق دون ذكرهم المقام.

ويختم المؤلف كتابه بقوله إن العلم الأمريكي (يرمز للحرية ويرمز للرجاء، إنه يرمز لحسن الجوار لا للسيادة على الآخرين، إنه يرمز إلى أن يقرر الناس مصيرهم ويحكموا أنفسهم بأنفسهم، إنه يرمز إلى أُناس يحبون السلام، فإذا اعتدى على بلادهم هبوا يقاتلون المعتدين. إنه يرمز لأمة وشعب يؤمنون بالإنسان. ويؤمنون بمستقبل الإنسان، وبالعالم الحر الذي يستطيع الإنسان أن ينشئه)

وبعد، فان هذا العرض الموجز لبعض موضوعات هذا الكتيب الأنيق لا يغني كل الغناء

<<  <  ج:
ص:  >  >>