جاهليها، والفلاح القروي الأمي قد يرزق من الحزم في تصريفه، وبعد النظر في آرائه، وصدق الشعور في وطنيته، ما لا يرزقه أخوه الأستاذ في الجامعة أو العالم الحائز لأرقى الدرجات العلمية، بل قد يصدر من الرأي العام الجاهل في شؤون وطنه، وفي المسائل الهامة التي عرض عليه ما يفوق رأي متفلسفة المشرعين، وحيل القانونيين.
إن نظرنا إلى الذكاء، فالذكاء مشاع بين المتعلم والجاهل، وان نظرنا إلى حكمة التصرف، والحزم في إدارة الأمور، وتدبير شؤون الحياة، فذلك أيضا أمر مشاع بين الناس، ففيم غرور المتعلمين وإنشاؤهم أرستقراطية بجانب أرستقراطية الأموال والأعمال والطبقات. يطالبون أن يكال لهم المال جزافا، ويطالبون ألا يهينوا أنفسهم في عمل، ويطالبون أن يكون ميراثهم من آبائهم اكبر نصيب، ويطالبون أن يكون زبدة ما تخرجه الأمة لهم وحثالته لما يسمونه الجاهلين.
ما اسعد الأمة تخفف من غلوها فغي أرستقراطيتها، بجميع أنواعها، وتقلد الطبيعة في ديمقراطيتها واعتدالها.