للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعندما يعلم الوالد أنه قتل فلدة كبده يشتد حزنه ويعزم على الانتحار غرقاً في النهر فيرجوه ولده المفارق للحياة أن يصبر وأن يجاهد في هذه الحياة حتى يحصل ما لم يستطع هو الحصول عليه.

ومن بدائع شعره قصيدته (الميت الشجاع) التي لا يستطيع فهمها إلا القليل من مثقفي القوم ومتأدبيهم. لكن من يفهمها يشعر باللذة التي تعاوده عند مطالعتها ويحس بنفس الوقت بخلوها من الخيال والإغراء اللذين يشعر بهما عند قراءته لقصيدة (رستم وسهراب). فهي تخرج من القلب خروج قصائد برنز الجميلة، وإن الفقرة الأخيرة مع كونها لا تخلو من بعض الأغلاط إلا أنها لا شك تحوي من العاطفة قدراً كبيراً

عندما نلتقي فتتطلع بنظراتك، متفرساً في وجهي وما أحدثته الأيام من الغضون فيه. ولكن بالله دعني أسألك: من هو ذلك الغريب الذي يتطلع إلي بعين المتأمل، ذو العينين الرماديتين والشعر الأسود).

فلسفته

لقد انتقد أر نولد المجتمع الإنكليزي في عدد غير قليل من مؤلفاته وكتبه. وكان يميل إلى تقسيمه إلى ثلاث طبقات متفاوتة: أولاها طبقة الأشراف، وثانيهما الطبقة المتوسطة وثالثهما الطبقة العامة ولكنه لم يسمها كما سماها غيره من قبل؛ بل أطلق الأولى اسم البرابرة وعلى الثانية لقب الفلستينيين وعلى الثالثة لقب العوام وكان يحترم طبقة الأشراف ويكثر من الثناء على أفرادها قائلا: (إن أعظم الفضائل وجود طبقة راقية من النبلاء يتخلقون بأحسن الأخلاق ويتحلون بأجمل الفضائل، لهم أفكارهم الشريفة، وأعمالهم النبيلة التي حبتهم بها الطبيعة. ويزداد جمال هذه الفضائل عندما تصدر عن أناس أقوياء يتحكمون بمصير الآمة ومستقبلها وينزهون أنفسهم عن التشاحن والتطاحن في المسائل التافهة. وقد يحدث أن أحد أفراد الطبقة نموره العبقرية وينقصه الذكاء ولكنه مع ذلك لا تصد عنه أمور لا تعد في حكم الشريفة منها). ولكن أرنولد يتطلع نحوهم فيرى نقصاً لا يمكن سده، وعوزاً ليس من المستطاع إهماله والاغصاء عنه. فهم بحاجة إلى الأفكار السامية وهذا ما سبب تأخرهم في العصور الحديثة. وفي البلاد الأخرى نجد طبقة الفقراء على درجة أعظم من المدنية الحضارة من هذه الطبقة؛ فالفقير يشعر بضعته، ويحس بفقره

<<  <  ج:
ص:  >  >>