للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاتصال بهذا الرجل مهما كلفتني ذلك من جهد أو كبدني من مشقة وعناء. وكانت أول خطوة خطوتها لتحقيق غرضي أنني بدأت أصطاد بانتظام، وفي مواعيده معينة، في بقعة كبيرة مكشوفة بالقرب من مسكنه. وفي ذات يوم اصطدت طائراً سقط لحسن حظي في حديقة دارته الواسعة المترامية الأطراف، فأسرع كلبي الذي كنت أصطحبه معي دائماً عند خروجي للقنص والصيد وأحضر الطائر المصاب بين أنيابه وهو يلهث من شدة التعب. وقد انتهزت حينئذ هذه الفرصة التي أتاحتها لي الظروف للتعرف بالسير جون رويل الذي كان جالساً وقتئذ في حديقة منزله، فاجتزت المسافة التي كانت تفصلني عنه بخطوات سريعة واسعة، ثم قدمت إليه هذا الطائر - وكان من الطيور الغريبة النادرة المثال - على سبيل الهدية وأنا أعتذر إليه في نفس الوقت من تهجمي على حرمة مسكنه. فشكرني السير جون رويل بحرارة وإخلاص لم أكن أتوقعهما منه وتقبل مني هديتي البسيطة وهو يتمتم بعبارات الشكر والامتنان.

وقبل مضي شهر على هذا الحادث كنت قد تبادلت الحديث معه نحو خمس مرات أو ست، ولكنه كان حديثاً عادياً مألوفاً لا يقدم ولا يؤخر. وفي ذات مساء كنت أمر بجوار منزله فشاهدته جالساً في الشرفة يدخن غليونه بهدوء وقد أمسك في يده صحيفة يومية كان يطالع فيها بشغف واهتمام. فلما وقع بصره علي حييته برفع قبعتي، فرد تحيتي باسماً ثم دعاني إلى الجلوس معه فقبلت دعوته عن طيب خاطر.

وقد انتهزت حينئذ هذه الفرصة التي كنت أترقبها بفروغ صبر فسألته حين استقر بنا المقام عن تاريخ حياته الذي لا أعرف عنه حتى تلك اللحظة شيئاً! فعلمت منه حينئذ أنه سافر إلى أمريكا وأفريقيا والهند وكثير من الأقطار الأخرى. وبعد أن مرت بيننا لحظة سكوت قصيرة قال لي وهو يبتسم: (لقد صادفت أثناء تجوالي في تلك البلدان كثيراً من المخاطر والأهوال التي كادت تودي بحياتي في كثير من الأوقات لولا لطف الله ورعايته. .) وهنا أطلعني على كثير من التفصيلات العجيبة الخاصة بصيد فرس البحر، والفهود، والفيلة، والغوريلا وغيرها. فقلت له وأنا أعجب بغزارة علمه، وسعة إطلاعه: (إن هذه الحيوانات وحشية ومخيفة للغاية).

فأجابني محدثي وهو يبتسم بهدوء: (نعم هذه الحيوانات وحشية ومخيفة كما تقول، ولكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>