للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطبيعي أن هذه الثقوب قد نشأت من غرز أصابع يد قوية شديدة الصلابة. ولما وصل الطبيب الشرعي الذي قدم على أثرنا مباشرة، وفحص بصمات الأصابع الموجودة على عنق القتيل التفت نحوي وقال: (لقد نشأت هذه الثقوب التي تراها واضحة في أسفل العنق من تأثير ضغط يد بشرية قوية وهي في الغالب يد هيكل بشري أكثر منها يد إنسان حي!) فسرت في جسدي رعدة قوية عندما سمعت منه ذلك، وانتقل تفكيري بسرعة إلى تلك اليد المشئومة التي رأيتها في الغرفة الخلفية لمنزل السير جون رويل.

ولم تمض على ذلك برهة حتى كنت داخل هذه الغرفة، فلم أجد هذه اليد في مكانها من الحائطّ فدهشت لذلك دهشة عظيمة وتحيرت في تفسير هذا الأمر الغريب الذي لم يسبق أن صادفت مثله في حياتي الحافلة بالمهالك والمجازفات! ومما زاد في دهشتي وحيرتي أنني وجدت السلسلة التي كانت هذه اليد مشدودة إليها، مفككة الأجزاء، مقطعة الأوصال، وملقاة على الأرض بلا عناية!. . .

ولما عدت أدراجي إلى الغرفة الموجودة بها جثة السير جون رويل، انحنيت فوق جسمه الممدود على الأرض ثم فتحت فمه بأقصى قوتي وانتزعت الشيء الغريب الذي كان مطبقاً عليه بين أسنانه فوجدته لعظم دهشتي أحد أصابع اليد المقطوعة المختفية! ولم يؤد البحث الذي قمت به في ذلك الوقت في سبيل العثور على تلك اليد إلى نتيجة، ذهبت جهودي ومتاعبي أدراج الرياح! وعلمت من خادم القتيل عند استجوابي له، أن جميع أبواب ونوافذ المنزل كانت محكمة الإغلاق في الليلة التي ارتكبت فيها هذه الجريمة، ولم يسمع الخادم نباح الكلاب التي كان يطلقها السير جون رويل في حديقة المنزل كل ليلة مما يدل على أن أحداً غريباً لم يدخل المنزل من الخارج! كما أنه صرح لي ضمن أقواله التي أدلى بها إلى أن سيده كان يبدو قلقاً مشتت الفكر في الشهر السابق لوفاته، وأنه تسلم في أخريات أيامه رسائل كثيرة كان لا يلبث أن يلقي بها طعمة للنيران بمجرد قراءته لها! وقال أيضاً إنه كثيراً ما رآه ممسكاً في يده بهراوة ثقيلة؛ وقد تجلى في عينيه الرهيبتين بريق الشراسة والغضب، ثم يهوي بها بشدة وعنف على تلك اليد المقطوعة التي كانت معلقة على الحائط، والتي اختفت من مكانها فجأة في ليلة مصرعه! وزاد الخادم على ما تقدم فقال: (لقد آوى سيده إلى فراشه متأخراً في تلك الليلة المشئومة على غير عادته، وأوصد عليه باب غرفته

<<  <  ج:
ص:  >  >>