أمه وروحها.
وشعر بالذل ينساب إلى قلبه الصغير لان تلك التي كان يملك فيها حق الرحمة فد أخذت منه وتركته بلا حق في أحد، وليس لأحد أمان.
ولبسته المسكنة لان له شيئا عزيزا أصبح وراء الزمان فلن يصل إليه.
ولبسته المسكنة لأنهار وحده في المكان، كما هو وحده في الزمان.
وارتسم على وجهه التعجب بأنه يسأل نفسه: (إذا لم تكن ـمي هنا، فلماذا أنا هنا؟!)
ثم تغرغرت عيناه فيخرج منديله ويمسح دمعه بيده الصغيرة، ولكن روحه اليتيمة تأبى إلا أن ترسم بهذه الدموع على وجهه معاني يتمها!
ونهض الصغير ولم ينطق بذات شفة. نهض يحمل رجولته التي بدأت منذ الساعة.
انتهت - أيها الطفل المسكين - أيامك من الأم؛ هذه الأيام السعيدة التي كنت تعرف الغد فيها قبل أن يأتي معرفتك أمس الذى مضى، اذ يأتي الغد ومعك أمك.
وبدأت - أيها الطفل المسكين - أيامك من الزمن، وسيأتي كل غد محجباً مرهوباً؛ إذ يأتي لك وحدك، ويأتي وأنت وحدك!
الأم؟ يا إلهي، أيغير على الأرض يجد كفايته من الروح إلا في الأم؟!
مصطفىادق الرافعي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute