ولي الدم بالخيار إن شاء اقتص، وإن شاء أخذ الدية رضي القاتل أو لم يرض، وروى ذلك أشهب عن مالك إلا أن المشهور عنه هي الرواية الأولى).
أفبعد هذه النصوص الصريحة في أن القصاص يغلب فيه حق العبد، وأنه يسقط عن الجاني - العفو أو أخذ الدية - يصح أن يقال إن القصاص ليس من حقوق العبد، وأنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بسقوطه إذا اختار أولياء الدم أو المجني عليه أخذ الدية أو العفو؟!! وهل يجوز أن يقال: إن رضا المعتدي عليه بالأرش أو الدية لا يسقط القصاص عن الجاني بعد ما سقناه من نصوص الكتاب والأحاديث، وآراء علماء الفقه والتشريع الإسلامي؟!!
لقد كنا ننتظر حقا من الأستاذ الحقوقي - قبل أن يعترض - أن يبحث الموضوع في مصادره الإسلامية، ومراجعه الفقهية، وأن يعرف الفرق الذي لحظه فقهاء الإسلام بين القصاص والقطع في السرقة، فإن الأول يغلب فيه حق العبد؛ أما الثاني وهو وجوب قطع اليد في السرقة بعد ثبوتها، فإنه حق الله تعالى، ولذا لا يملك المسروق منه العفو بعد وجوب القطع ولا يورث عنه، كما أنه لا يملك الخصومة بدعوى الحد وإثباته مجرد عن طلب المال.
هذه كلمة توخيت فيها الاعتدال والنصفة في البحث، والأمانة في النقل، لا أبتغي بها سوى إحقاق الحق، والله الهادي إلى سواء السبيل.