وإذا ما حدثك العزاوي عن هذه الفترة وتبسط معك في الموضوع وسرد لك حوادث الدويلات التركية وأسماء الأمراء الذين حكموا العراق في هذه المدة الطويلة من مغول وأتراك وإيرانيين فمماليك، فأنا على يقين من أنك ستخرج وتقول: ما هذه الطلاسم والتعاويذ، ولابد لك من الاستعانة بقاموس أو مفتاح يحل لك رموز هذه الشفرة المعقدة التي لا يعرفها إلا القليل من أصحاب هذا العلم.
ولد الأستاذ عباس العزاوي في سنة ١٣٠٨ للهجرة (١٨٩١م) في البادية بين مضارب عشيرة العَزَّة، وقد قتل والده محمد الثامي وهو لا يزال بعد طفل صغير. والعزة قبيلة عربية شهيرة انتشرت في ألوية عديدة من ألوية العراق لاسيما في لواء ديالى. وترجع في الأصل إلى عشائر حمير من عرب الجنوب وتنتمي إلى قبيلة (زبيد الأصغر) المنتشرة في بلاد ما بين النهرين والتي تفرعت إلى عدة فروع، وتنتمي العزة إلى جدها الأعلى (عزيز) وبه تسمت فقيل لها (أعزة) جمع عزيز ثم (عزة) بالتخفيف.
جئ بالعزاوي سنة ١٣١١ للهجرة (١٨٩٤م) إلى بغداد فاستقر في هذه المدينة وبها نشأ وترعرع وتثقف. وأتم التحصيل الابتدائي والرشدي على عهد العثمانيين. ثم عكف على دراسة العلوم الشرعية واللسانية على الطريقة العلمية المعروفة في ذلك الوقت فدرس في جامع الخلفاء، وهو من بقايا جامع الخلفاء العباسيين على المرحوم عبد الرزاق الأعظمي ودرس في نفس الوقت في (مدرسة مرجان العلمية) وهي مدرسة أمين الدين مرجان صاحب الجامع الشهير المعروف (بجامع مرجان) والخان المعروف باسمه أيضاً، وقد أسست هذه المدرسة على مثال المدرسة النظامية المعروفة في عهد العباسيين ببغداد. وكان أستاذ المدرسة المرجانية هو المرحوم الحاج علي علاء الدين الألوسي وهو من أسرة الألوسيين الأسرة العلمية المعروفة ببغداد. ودرس في مدرسة الحيدرخانة (المدرسة الداودية) على العالم الشهير المرحوم السيد محمود شكري الألوسي صاحب التصانيف الشهيرة في علوم الدين واللسان. وصاحب (بلوغ الأرب في أحوال العرب) وهو الكتاب الذي نال عليه الجائزة من المستشرقين الإسكاندنافيين.
وعرفت الأسرة الألوسية بالميل إلى الطريقة السلفية وبالأخذ بمبادئ الدين على طريقة السلف. فتأثر العزاوي على ما حدثني به بهذه الطريقة فمال وما زال يميل إليها. وكان