وبعد، فهل أحزنك يا بردى أنك اليوم ضائع في اهلك، لا ترى حولك عزة العروبة ولا جلال الإسلام؟ كلا، لا تحزن يا بردى فما أنت وحدك المضاع، إن هناك أمة بقضها وقضيضها، هي مثلك مضاعة، وهي مثلك بنت المجد والشؤدد.
لا تحزن يا بردى! بل اصبر حتى إذا أعجزك الصبر فثر بأمواهك، وليضطرم موجك حتى تغسل عن قومك عار الذلة والخنوع، أنه لا يغسله إلا ثورتك، هذه سنة الحياة يا بردى: لا بالحق ولكن بالقوة.
وإذا غرهم منك لينك، فأرهم شدتك، إن الماء لينه يجرف جبلاً على جبروته وكبريائه، ولقد ثرت مرة، فبلغ رشاشك بواتيه من هنا، وحيدر آباد من هناك! فهل استنفدت تلك المرة قوتك كلها؟ أما فيك بقية من الشباب؟ تعبت إذ تجري هذه الملايين من السنين؟ إنها فترةغيرة من عمرك، فعلام الونى؟ انك لا تزال شاباً، ولم تنس بعد جيش خالد ولا موكب الوليد، لقد كان ذلك أمس، وسيكون مثله في غدٍ.
فاصبر ولنصبر يا بردى! إن الصبر مفتاح الفرج يا بردى. . .