من علماء النفس ليبين لنا مدى انطباقه على الأسلوب العلمي الحديث لطب النفوس.
٣ - والمثل الثالث - وياله من مثل - هو آية العدل والتسوية وعدم المحاباة، وإيثار الله على كلُّ ما سواه: ذلك أن أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وكافله وناصره ومجيره من أعدائه، على الخلاف بينهما في الدين، لما مات، كأن المسلمين ترقبوا أن يستغفر له الرسول وأن يؤذن لهم في أن يستغفروا له، إعظاماً لشأن أبي طالب، ووفاء لصنيعه مع النبي وتسلية لأبنائه وقرابته وفيهم عليّ، وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد هم بذلك أو فعله فنزل قوله تعالى (ما كان للنبي والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم، وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعده وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه إنّ إبراهيم لأواه حليم).
بذلك وضع الأمر في نصابه، وتبين للمؤمنين أن لا محاباة ولا قرابة ولا صهر أمام الحق، وأن العلاقة الوحيدة التي تجب رعايتها والاعتداد بها هي علاقة الإيمان فحسب.
ولقد كان هذا الأمر كافياً لزلزلة النفوس في هذه البيئة العربية التي تعنى بالقرابات، وتهتم بالعصبيات، ولا سيما في شأن أبي طالب شيخ قريش، وأبى عليّ، وأخي العباس، وعم محمد، ولكن القوم قبل كلُّ شيء مؤمنون قد امتلأت نفوسهم بحب الله، فما على الرسول إلا البلاغ، وما عليهمإلا الرضا والامتثال!
من لنا بأن نجتلي هذه المُثل العليا وأمثالها في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لتكون لنا نوراً وهدى في هذه الظلمات التي يتخبط فيها الناس.