الكتب، وأن نعتز بالانتساب إليه، وأن نرفع الرأس فخراً، وأن نجعله أمامنا في حياتنا. . .
يا سادة! إننا طالما احتفلنا بهذه الذكرى ونحن محزونون متألمون، أدنى إلى اليأس وأبعد عن الأمل، فلنحتفل بها اليوم - ونحن فرحون مستبشرون - فقد بدا لنا النور، ودنت الأماني، ولاحت أعلام الوحدة ودقت طبولها، وقد طالما هجعنا ومرت بنا ليال حوالك طوال، فترت فيها الهمم، وخبت العقول، ولكن وقت النوم انقضى، وأذن مؤذن النهضة: حيّ على الفلاح. . . فنفضنا عن أنفسنا غبار الأحلام. . . ونهضنا!
لقد كتب على المسلمين أن يذلوا، ولكنها مرة واحدة، وقد مرت ولن تعود!
لقد انبلج الفجر، وانتهى الليل، وبدا نور النهضة، نور الاستقلال والوحدة، فاقسموا في هذا البيت الأطهر، في هذا اليوم الأنور، إنكم لن تناموا ولن تنوا ولن تضعفوا، فما ينال المجد نائم ولا وان ولا ضعيف!
إن (محمداً) علمنا معنى العزة والكرامة، وعرفنا قيمة العقل والعلم، وشرح لنا شريعة الإيمان والعدل والإحسان، فلنعد إلى ما شرع الله على لسان (محمد): نفتح في التاريخ صفحة مجد وسمو ونبل كالتي كتبها أجدادنا، ألا إنها كلمة صدق، إنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ألا إنما أعز الله العرب بالإسلام، فإن ابتغوا العزة بغيره ذلوا.
فيا أيها الرئيس! أرفع راية القرآن، ثم ادعنا للعمل شيوخاً لهم عزيمة الشباب، وشباباً لهم حكمة الشيوخ، تجبك من جنود الحق جحافل، وصلت يوم القادسية واليرموك بأيام الغوطة ونابلس التي فيها جبل النار، اعمل للوحدة الكبرى، فإنها حياتنا لا حياة لنا إلا بها، أقمها على صخرة الإسلام الراسية، لا تعبث بها الزعازع، ولا تزلزلها الأعاصير!
إنك القائد الحكيم، ولكنها ضجت في العروق الدماء، وتلوّت قي الأغماد الصفائح، فانشر اللواء، وسُقِ الخميس لتعلم الإنس والجن، إنه لا يزال في عروقنا ذلك الدم الذي نضخ الأرض من بواية إلى الصين، وفي قلوبنا ذلك النور الذي أضاء الدنيا من مشرقها إلى المغرب، وفي سواعدنا ذلك العزم الذي هدّ بروج الطغيان وتهاوت له التيجان، وفي أفواهنا ذلك النشيد الذي علا في كل مكان، فكانت تخشع له الرواسي وتطأطأ الشامخات: لا إله إلا الله. . . والله أكبر!