للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والمحبة والإخاء، فالسادة الذين يشمخون بأنوفهم كبراً، وتتنفج قلوبهم عنجهية، يجب أن يتطامنوا ويتواضعوا، وإلا فإنهم محرومون رضاء الله حيث آذوا عباده:

(تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، والعاقبة للمتقين). ويقول مرة أخرى:

(يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم).

أما هؤلاء الذين أدركوا معنى الإنسانية، وتجافوا عن الكبرياء، ورضى الله عنهم، فهم الذين قال فيهم القرآن:

(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).

ويجمع محمد عليه السلام قانون العلاقات الاجتماعية في حديثه الشريف (المسلم من سلم الناس من يده ولسانه). ونرى القرآن يحد من غريزة العدوان، ودفع الشر بمثله فيقول:

(ولا تستوي الحسنة ولا السيئة أدفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).

ولم تُك هذه التعاليم مجرد آيات تتلى، وأحاديث تتردد، بل تشربتها قلوب العرب، أكلة الشيح والقيصوم، واتخذتها نبراساً تستضئ به؛ فملئوا الدنيا عدلاً وأمناً وحرية، فاستمع إلى أبي بكر يقول:

(إن القوي فيكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم عندي القوي حتى آخذ الحق له).

وأستمع لعمر بن الخطاب يقول:

(متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).

ولا بدع فدين محمد عليه السلام ليس مجرد صلاة وعبادة؛ وإنما أساسه حسن المعاملة بين الناس، وشعور كل فرد بشخصيته وحريته في حدود القانون والمصلحة العامة، فيقول الله تعالى:

(ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين، وابن السبيل، والسائلين وفي الرقاب، وأقام الصلاة وآتى الزكاة، والموفون بعهدهم إذا عاهدوا،

<<  <  ج:
ص:  >  >>