فيم التحكيم، وقد صدر الحكم؟ إنه أمر بُيت بليل، وقد وضحت سرائر القوم وما يضمرونه من سوء، ويدبرونه من مكيدة!
ليست فلسطين صنيعة لبعض أرباب الملايين في أمريكا حتى توهب لأفاقي الأرض ومن لفظتهم ديارهم من اليهود.
إن العرب وحدهم هم أولو الشأن في فلسطين، مهما ظاهر الباطل من قوي وأيده من جاه، وعاضده من ضغط سياسي وأدبي ومادي.
الكلمة في فلسطين للعرب، والحكم لهم دون سواهم، فإن شاءوا تحطمت قوى الباطل وعظموته على صفاة إيمانهم وشجاعتهم وصبرهم، وإن شاءوا استناموا للوعود المعسولة، والمماطلات الكاذبة، والأساليب الملتوية الدنيئة؛ فضاعوا وضاعت ديارهم كلها لا فرق بين فلسطين وغيرها.
إن الأمم التي تريد الحياة العزيزة الحرة لا يضيرها ما يبيته لها الأعداء، وما يحكمون به عليها، ما دام الإيمان يملأ جوانح قلوب أبنائها، وما دامت عزائمهم مبرمة، وأمورهم محكمة، وكلمتهم واحدة.
أمريكا تريد أن تتخلص من اليهود الذين ينافسون أبناءها ويسدون عليهم سبل العيش، ويسيطرون على تجارتها، وصحافتها ومسارحها، وخيالتها، وشركاتها، شأنهم في هذا شأن إخوانهم في كل بقاع الأرض؛ وتدعي أمريكا أنها حزينة تذوب من الأسى والحسرة لهؤلاء اليهود المشردين في خرائب أوربا؛ وأنها لن تهدأ حتى تجد لهم مأوى - لا في سهول أمريكا الخصبة الغنية، ومدنها العامرة الفتية، ولكن - في أرض فلسطين الجرداء وعلى ضفاف البحر الميت. فأي إفك وأي زور!!
لتقل أمريكا ما تشاء، فالكلمة الأخيرة للعرب، وهم يؤثرون الفناء بالقنابل الذرية أو بغيرها، عن أن يجعلوا من فلسطين أندلساً أخرى تغتصب من بين أيديهم وهم ينظرون. لو حدث هذا - لا قدر الله - فقل على الجنس العربي العفاء، ولن يكون ذلك ما دام في العرب أنفاس تتردد وقلوب تنبض.
أول سلاح للمقاومة هو المقاطعة التجارية، وقد وضع السلاح في أيدي الشعوب العربية،