وهو سلاح فعال قتال؛ لأن اليهود من عباد المال، وقديما حينما أغواهم الشيطان، فضلوا عن عبادة الرحمن، اتخذوا لهم عجلا من ذهب يعبدونه من دون الله. ولا يزالون حتى اليوم يقدسونه ويؤلهونه.
ولكن الأمر يتطلب منا جداً، حكومات وشعوبأً، فالسلع الصهيونية قد غمرت الأسواق مدة الحرب، واليهود يسيطرون على التجارة: فهم الوسطاء، وهم كبار المستوردين، وهم أثرياء التجار، ولن ننجح في المقاطعة إلا إذا منعت الحكومات استيراد سلعهم، وتيقظت الشعوب، ورفضت في أنفة وحمية أن تعامل اليهود أو تشتري منهم. إني لا أخشى على أهل الشام إخفاقهم في المقاطعة فهم رجال ذوو دربة وجرأة في التجارة، وجلد على الأسفار، يستطيعون بما رزقوا من موهبة عملية أن يرحلوا إلى أوربا ويغشوا أسواقها ويجلبوا منها السلع المتباينة، ويقضوا على الوساطة اليهودية، والاستيراد اليهودي، فيربحوا ربحاً مزدوجاً في المال وفي الوطنية، ويضربوا اليهود ضربتين مادية ومعنوية.
ولكني أخشى على المصريين، فالوساطة اليهودية في كل السلع تسيطر على أسواقهم، ولم نر منهم من شمَر، وغامر وسافر وأتصل بالمصانع والمتاجر الكبرى في بلاد الغرب؛ فأكتسب تجربة ومالا، وقضى على عدو يمتص دمه ويعرق لحمه، ويلقي له بالفضلات والنفايات بعد أن يشبع ويبشم.
إن اليهود بعضهم لبعض ظهير، ونحن إن لم نقاطع السلع اليهودية والوساطة اليهودية نكون قد جرحنا العدو ولم نقتله. فهل نرى من شبابنا الناهض وتجارنا الذين أثروا مدة الحرب شجاعة وإقداماً؛ فيجددوا في طرق التجارة المصرية؟. وهل نجد عند الشعوب العربية حماسة ويقظة تجعلهم دائماً حريصين على استعمال سلاح المقاطعة الفتاك حتى تُدحر الصهيونية؟
يستطيع اليهود بأموالهم العظيمة، وبعطف إخوانهم الأثرياء عليهم في كل بقاع الأرض، أن يشيدوا المصانع في فيافي فلسطين إذا عجزوا عن زرعها، وأسسوا المدن التي تزخر ببني جنسهم إذا لم يستطيعوا تأسيس القرى والضياع، فإذا أردنا أن ندك تلك المصانع ونهدم تلك المدن، ونجعل فلسطين عليهم بلقًعاً جديباً يضيق بهم فيأكل بعضهم بعضاً أو يخلونه ويرحلون؛ فعلينا بالمقاطعة وتنظيمها حتى يحسوا بها قريباً، ويعلموا أنا أمم جادة لا هازلة،