الله صلى الله عليه وسلم، وفي كل غزوة يغزوها بنفسه، فيكون شأنهم في ذلك شأن كل مسلم، ولا ينقطعون إلى ملجئهم كما ينقطع الرهبان إلى صوامعهم.
ولقد قام هذا الملجأ يؤدي عمله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تولى الخلافة أبو بكر رضي عنه فأبقاه على حاله التي كان عليها، ثم تولى بعده عمر رضي الله عنه، فاتسعت في عهده الفتوح، وفتحت للمسلمين خزائن الفرس والروم، وصارت أسباب الغنى سهلة وميسرة، فأمر رضى الله عنه بإغلاق هذا الملجأ، وأمر أهله أن يسلكوا تلك السبل الميسرة للغنى، لأنه لا يرضى بالفقر إلا أهل الخمول والكسل، والدنيا دار جهاد وعمل.
ومن ينظر إلى نظام هذا الملأ يجد أنه هو النظام الذي تأخذ به الأمم الحديثة في ملاجئها، لأنه هو النظام الذي يتفق وأسباب المدينة التي تأخذ بها، ولكن المسلمين حين انحرفوا عن دينهم بعد ضعفهم، تغير نظرهم إلى هذا الملجأ كما تغير نظرهم إلى غيره من أمور دينهم، فاتخذوا أساسا لما أنشئوا في تلك القرون المظلمة مما سموه تكايا وخانقاه، وأخذ أهلها من الصوفية يتمسحون بأهل ذلك الملجأ، ويزعمون أن اسمهم مشتق من الصفة التي كانوا يأوون إليها، على بعد ما بين اسمها واسمهم، وعلى بعد ما كان من نظام أهلها ونظامهم، وعلى انه كان نظاماً زال بزوال سببه، ولم يرضه عمر رضي الله عنه لأهله؛ ومثل عمر يؤخذ الدين عنه.