ونضَّر أجوائي فأضحت خمائلاً ... يفوح شذاها من صبا وجنائبِ
وتحظى بما دون القليل مطامعي ... فتُشرق آمالي وتصفو مشاربي
وأصبح والدنيا بصدري مباهج ... وأمسى وأفلاك الزمان مواكبي
هي الجنة الأولى وبات نسيمها ... روائح أنقاضٍ ورجعَ منادبِ
معالمها ليست كأمس وإن هفت ... عليها ظلال من أمان ذواهبِ
وأمست خلاءً غير ماض يعودها ... وريح كأنفاس الخطوب الأشايبِ
سلامٌ عليها يوم كانت رياضُها ... مشارقَ أفراحٍ وقبلةَ راهبِ
سلامٌ عليها يوم أطفئ نورها ... وغشَّى زواياها نسيج العناكبِ
تعلمت من هذا الزمان ولم أكن ... لأعلم لولا واصبٌ بعد واصبِ
هضمنا الليالي واعتصرنا بلاءها ... وعريت أجسادَ المنى والنوائبِ
وقلبت في جدِّ الحياة وهزلها ... وما عفت إلا مائعات المصائبِ
وساجلت أقداري وكانت مريرة ... فعدت بما شاءت سليباً كسالبِ
وأدهى من الحالين سِلْمٌ تنالها ... بوجدان مغلوب وبسمة غالبِ
وملت إلى ظلِّ السلام فأطمعت ... سماحة إغضائي ضعاف الثعالبِ
وأبلغ رُزءٍ أن تكون فريسةًً ... لأفواه ما ليست ذوات مخالبِ
وقاويت دهري فاستحاني ضميره ... ولما يحذرني طريق المعاطبِ
وباصرته فازورَّ عني حنانه ... وألقى رزاياه حيال مساربي
حياةٌ وليست بالقليل وإنما ... يقلل منها كل أعزل هاربِ
خِضَمٌّ من اللذات يلعن موجه ... لفيف من الغرقى ضعاف المناكبِ
هي الكأس يحلو مُرُّها لمعاقر ... ويجزع منها كلُّ غر مُجانبِ
كرهنا على عجز ولم نر غيرها ... وعند بلوغ اليأس خلق المعايبِ
حياةٌ وموتٌ ليس بعدُ حقيقةٌ ... وليس سوى هذين معنى لحاسبِ
رسائلُ شتى والضمير مغيَّبُ ... وإغراءُ مطلوب وشهوة طالبِ
ومُعتركٌ والحظ يعرف أهلهُ ... وأنات مغصوب وتعليل غاصبِ
نصيبي مقدور فما اخترت موطني ... وما اخترت أمي قبل ذاك ولا أبى