الفلاح رخيصة، وديونه كثيرة، وموارده قليلة، وقد نتج عن هذا هجرته إلى المدينة باحثاً عن عمل يلقى منه أجراً يومياً أو راتباً شهرياً.
وتقام في القرية رغم هذا سوق أسبوعية تعرض فيها أنواع التجارة فيبتاع القرويون ما هم في حاجة إليه من أقمشة أو بضاعة. ويبيعون ما هم في غنى عنه من الغلال أو الطيور أو الزبد. ويفد إليها كثير من أبناء القرى المجاورة يبتاعون ويبيعون.
ومنذ بضع سنوات لم يكن بالقرية محطة للسكة الحديدية، أو دار للشرطة، أو بكتب للبريد والبرق، وإنما كان المسافرون يحتملون عناء السفر بركوب ظهور الدواب ومتن النهر إلى أن يصلوا إلى محطة بعيدة يستقلون منها القطار، وكان ساعي البريد الجوال يصل إلى القرية كل يوم على حماره فينفخ في بوقه فيهرع القوم إليه ويقرأ عليهم الأسماء فيتناول منه كلاحب رسالة رسالته، أما اليوم فأسباب المواصلات موفورة.
ويثلجدرك بعض الشيء أن ترى بالقرية اليوم مكتباً للتعليم الإلزامي، وفكرة ناضجة في النفوس عن خطر الأمراض لا سيما (الرمد، والبلهارسيا، والانكلستوما) وغيرها، ورأيي أن أفضل ما تقوم به حكومة مصرية هو ترقية شئون الفلاح وأحوال القرية، لأن الفلاحين هم كثرة سكان مصر، ولأن القرية مما مورد ثروة البلاد الأساسي.