المعمودية، وإذا كان الناس لا يعتقدون الاعتقاد التام بجميع ما جاء في التوراة وبصدق الرواية والزمان والمكان كان إيمانهم بالسيد المسيح أشبه بالخرافات والأمور الخيالية.
أما ثالث كتبه الدينية فهو كتاب (مقالات في الكنيسة والديانة). ويبحث هذا المؤلف في وصف أحد المطارنة الملقب بمطران بتلر فهو يقول عنه (إن هذا المطران لم يعترف بوجود الإله فحسب؛ بل بوجود الحياة المستقبلية، وقد عرض للناس دوافع خطأ الإنسان وأغلاطه بطريقة دقيقة لا تقبل الشك والنكران. والعقل هو الحاكم الوحيد الذي يلجأ إليه الإنسان في فهم دقائق الأمور وخفاياها فهو الأداة الوحيدة التي يمكننا بواسطتها تفهم جميع العقائد حتى وجود الإله وحقيقته).
وفي مقدمة هذا الكتاب نرى أرنولد يوضح عقائده بشكل جذاب فهو يقول:(إني لأعتقد بخلود الديانة المسيحية نظراً لصدقها وصراحتها الطبيعيين. وإن هؤلاء الناس الذين اعتقدوا تخلصهم من حملها والإيمان بها تبعا للعقائد الزائفة التي بشر بها الكثيرون من رجال الدين سيرجعون إليها مرة ثانية ويدرسونها درساً أوفى، واشد دقة وتفهما). فكان يؤمن ببعث روح جديدة تطهر الديانة مما لحق بها من الأدران والأوساخ. وهذه الفكرة السامية تجاه الديانة المسيحية لتظهر لنا جلياً في فقرة ثانية كتبها حيث يقول:(إن الكنيسة يجب أن تعتبر كمؤسسة وطنية تسعى إلى إعلاء شأن الوطن ورفع كلمته. فمن واجب الناس على اختلاف طبقاتهم أن يتمنوا لها التقدم واطراد النجاح.
والهدف الوحيد الذي سعى إليه أرنولد في جميع مؤلفاته هذه وخاصة كتابه (الأدب والعقائد) كان لاسترداد التوراة مكانتها القديمة وإعلاء شأنها بين طبقة العامة الملحدة. وهذا الهدف كان سامياً في حد ذاته، ولذا فإن تحقيقه كان من السهولة بمكان عظيم. وقد أشبهت كتاباته هذه من نواح عدة مؤلفات الكردينال نيومن الكاتب الإنكليزي الشهير. فعرف أن الشك في المعجزات يقود الناس حتما إلى إنكار جميع الحقائق السماوية.
رأى أرنولد جمهرة المتعلمين من قومه يخرجون عن عقائد التوراة وأحكامها فحاول إرجاعها إلى قلوبهم بإقناعهم إن مكانتها في عقول الناس يجب أن لا تبنى على أساس المعجزات التي جاء بها أو على العقائد التي استخلصها الكاثوليك والكلفنيون من ثناياها بل إلى أدبها السامي وإلى روح النشاط والحماسة التي يبعثها السلوك الحسن والتضحية وحب