وسوف تسمع أن فريقاً من الناس يستكثر ما تصرفه مصر على الجامعة، أو على بعثاتنا الثقافية في البلاد الشقيقة، وأن فريقاً لا يفهم معنى لحفلات التعارف والتفاهم بين العرب، وذلك كله نتيجة لسياسة التفكك التي فُرضت على المصريين، والتي عملت على قطع الصلات بين حاضرهم وماضيهم، وحصرت آمالهم في دائرة ضيقة، مما يجعل العناصر الإنشائية في البلاد محتاجة إلى بذل مجهود طويل لإزالة آثارها.
ونحن نؤمن بأن عناصر العروبة الكامنة في الشعب المصري لن تفنى بعد اليوم، بل ستخرج وهي أكثر مضاء وقوة وعزيمة، وستحطم هذا الغشاء الصناعي الواهي الذي أحاطتها به سنوات الخمود وسياستها الغاشمة التي أفهمته أنه أمضى آلاف السنين يرزح تحت أغلال العبودية، حتى لا يتعرف على صفحات المجد التي كتبتها العروبة في بلاده، ولكي يعمى عن شخصيته ومجد الآباء والأجداد.
لقد أوحى إلينا مقال الأستاذ عبد المنعم خلاف بهذه الكلمة العابرة عن هذه الحركة التاريخية، ونحن إذ نختتمها نؤمل أن يوالي هو وغيره من كتاب العرب في مصر وبقية البلدان العربية أبحاثهم، ذلك لأن أسس الفكرة العربية وفلسفتها ستأخذ مجهود عدد كبير من المفكرين والباحثين، ولكن أثرها سيكون عميقاً في مصر، إذ ستعيد حتماً للشعب المصري إرادته وشخصيته وتلقنه تاريخه الحي. وسنرى كيف أن الكثير من مشاكلنا الخلقية والقومية والتي تبدو لنا مستعصية الحل، سيسهل علينا مواجهتها على ضوء الأسس الاجتماعية التي تخاطب الوجدان والفكر، وتحرّك القلوب والمشاعر.
إن الفلسفة التي تنير طريق الفرد منا إلى غايته، وتجعل إيماننا بالفكرة العربية وحركتها السياسية وأهدافها إيماناً بصيراً مستنيراً ستقود الشعوب العربية من الظلمات إلى النور، ومن الجمود إلى الحركة، ومن الاستكانة إلى الرفعة، وتعلم الفرد والجماعات معنى الآية الكريمة:(كنتم خير أمة أخرجت للناس). ولمثل هذا فليعمل العاملون!