وفي الطبعة الثانية من كتابه هذا كتب أرنولد مقدمة قيمة يخاطب فيها جامعة أكسفورد خطابه الشهير الذي يقول فيه:(إنها مدينة جميلة، صفحتها بيضاء ناصعة لم تلطخها الحياة العقلية التافهة التي سادت البلاد مدة من الزمان).
وفي هذا الكتاب وضع أرنولد بعض قواعد في علم النقد، منها ما هو مهم ومنها ما هو تافه.
ومن شروط النقد في رأيه الرغبة والميل. فكل ما هو مرغوب حسن وقيم والعكس بالعكس. وفي هذا الكتاب يعرف مؤلفنا الشعر بقوله:(الشعر هو أحسن الطرق في الدلالة على الأمور وأكثرها تأثيراً في نفوس القراء).
ومن آرائه القيمة في عالم النقد الطريقة التي خالها أحسن الطرق في دراسة الشعر والتفكير فيه. فقد أعتقد أن أهم ما يتوخاه دارس الشعر هو الفكر أو الغاية. فالفكر هو الحقيقة الراهنة التي يبنى الشعر على أساسها. ولا شك أننا بعد مدة قصيرة سننظر إلى الشعر كالوسيلة الوحيدة لتفهم الحياة ودراسة مناحيها المختلفة؛ فبدونه لا قيمة للعلوم وسيأتي يوم عما قريب يحل فيه الشعر محل الفلسفة والأديان. فقديماً دعاه وردزورث بخلاصة روح المعرفة أو بالنتيجة المتوخاة في عالم العلوم والمعرفة. وما الدين والفلسفة إلا خيالات وأشباح تجول جولاتها المعهودة في عالم المعرفة. وسيأتي يوم عما قريب ننظر فيه نحوهما نظرة المستخف المهمل فنشعر بسخافتهما وقلة ما فيهما من المدارك والمعلومات.