الفرنسي في الجزائر خشية أن يؤدى بهم هذا إلى فقدان الجزائر. فليس شعوراً إنسانياً هو الذي يدفعه إلى بسط سوء الحالة فيها، إنما هو روح استعماري بصير، هدأت فيه الحماقة التي هي طابع السياسة الفرنسية التقليدي في التاريخ!
هذا الكتاب هو المسيو (جان ميليا) من كبار الدبلوماسيين الفرنسيين، وقد ضمن ملاحظاته هذه كتاباً باللغة الفرنسية نستعرض هنا مقتطفات منه نقلها إلى العربية الأستاذ (محمد عبد الكريم) ونشرها مجلة (الشرق الجديد).
(ضرب المؤلف الفرنسي مثلا مما يسميه مواطنوه الفرنسيون قانوناً بالجزائر، بذلك القانون العجيب المسمى قانون الغابات.
(فالمستعمر الفرنسي يُمنح الأرض ليستغلها، وهو يُعطى ما يختاره بسخاء بدون مقابل. وقد حدث مرة أن احترقت غابة يستغلها فرنسي، وحامت الشبهة في هذا حول الوطنيين، فكان أن عمدت الحكومة إلى إصدار قانون ينص على أنه في حالة إحتراق أي غابة يملكها فرنسي، فإن العرب المقيمين في أقرب منطقة مجاورة للغابة يلزمون بدفع تعويض للمستعمر الفرنسي صاحب الغابة حسب ما يقرره حاكم المدينة.
(ويردف الكاتب الفرنسي ذلك بقوله: ومن يوم أن صدر هذا القانون أصبح شائعاً في أوساط المستعمرين الفرنسيين أن من يصاب في مشروعة بالفشل أو من يسوقة الحنين للعودة إلى بلاده فما عليه إلا أن يعمد إلى غابته يحرقها، ويبلغ الحاكم ليشهد في اليوم التالي إبلاً وغنماَ وحميراً وخياماً وأقوات أهل القرية المجاورة تباع كلها في السوق قسراً، ليعطى ثمنها تعويضاً لذلك الفرنسي عن ضرر أحدثه هو بيده!)
هذا ما قاله الكاتب الفرنسي، أما الذي لم يقله في هذا الصدد فهو أن المساحات الشاسعة من الحقول والبساتين تنزع ملكيتها من أيدي ملاكها العرب لتعطي إلى المستعمرين الفرنسيين حيث يطرد هؤلاء الملاك إلى البقاع الممحلة، حتى إذا راحوا يفلحونها بالجهد الشديد ويصلحون ترتيبها بسواعدهم وكواهلهم والبقية الباقية من أموالهم إلى أن تصبح صالحة للزراعة. . . عاد الفصل السابق يمثل معهم من جديد فيطردون منها لتعطى للمستعمرين من جديد!